السبت ٢٧ / يوليو / ٢٠٢٤ 03:51
أخر الأخبار
v

أسباب تنامي الفساد محلياً ودولياً؟ وسبل مكافحته

الدكتور عادل عامر
الدكتور عادل عامر

الخميس ٢٥ / يناير / ٢٠١٨ 01:34 م د.عادل عامر 6056 مشاركة
تم النسخ

  • الوضع في مصر
  • اليوم
    0
  • وفيات اليوم
    0
  • اصابات
    0
  • تعافي
    0
  • وفيات
    0
z
  • الوضع في العالم
  • اليوم
    0
  • وفيات اليوم
    0
  • اصابات
    0
  • تعافي
    0
  • وفيات
    0

يشهد الواقع المعاصر وعلي مختلف الأصعدة الوطنية والاقليمية والدولية، تنامياً سرطانياً لظاهرة الفساد، اتسع به مجاله وشاعت صوره حتي أصبح سلوكاً يتسم بطابع كلي الوجود، شمولي النطاق، محيطاً بالنظم السياسية كافة ديمقراطية أو ديكتاتورية، وبالنظم الإقتصادية علي تنوعها رأسمالية أو موجهة أو مخططة، متغلغلاً في جميع مستويات التنمية.

وقد نتجت عن اتساع دائرة الفساد وعالميته عواقب وخيمة، اعاقت البلدان الفقيرة بشكل أو بآخر خطط التنمية عن تحقيق غاياتها، وعرقلت جهود الإستثمار فيها وشوهت سياسة السوق المفتوحة، واساءت إلي الإصلاحات المعززة للديمقراطية، وكادت في أحيان كثيرة أن تقوض الشرعية السياسية وهي عواقب تضاعف معاناة المواطنين في هذه الدول وتؤدي الي زعزعة الاستقرار والامن في شتي مناحيه.

ولا تقتصر عواقب الفساد علي الدول الفقيرة، بل تمتد بصورة أقل حدة إلي البلدان الغنية، فتخفض من معدلات تحسين مستويات المعيشة، وتساعد علي تعاظم التفاوت في الدخول بفعل الإثراء غير المشروع الناتج عن صور السلوك الفاسد، وتؤدي إلي زيادة النفوذ السياسي لمرتكبيه، وإلي إقصاء الشرفاء عن المواقع والمناصب القيادية وتقليص فرص قيام حكومات وطنية نزيهة فعالة.

وعلي المستوي الدولي، يؤدي الفساد إلي تشوية التجارة الدولية والتدفقات الإستثمارية، ويسهل ارتكاب الجرائم المنظمة العابرة للحدود الإقليمية، واخصها الرشوة الدولية، والاتجار في المخدرات والمؤثرات العقلية، وغسل الأموال الناتجة عن صور بالغة الخطورة من الأنشطة الإجرامية، وكلها آثار تهدد استقرار المجتمعات وأمنها وتقوض القيم الديمقراطية والأخلاقية، وتعرض التطور الإقتصادي والإجتماعي والسياسي علي مستوي العالم للإخطار قد يعجز عن مواجهتها إذا ترسخت قوي الفساد، وتجاوزت حدود السيطرة.

وقد ترتب علي ما سلف جميعه أن تحول الفساد من هاجس وطني أو إقليمي إلي قضية سياسية عالمية، أدرك العالم خطورتها وازداد قلقة وتضاعفت مخاوفة إزاء تداعياتها وعواقبها، واستقرت في يقينه الحاجة الماسة إلي سياسات فعالة للتصدي لها من خلال تعاون إقليمي ودولي جاد لا يقتصر علي الحكومات، بل يمتد الي المنظمات الدولية والإقليمية، وإلي المجتمع المدني بمنظماته غير الحكومية ويستهدف الممارسات الفاسدة كافة آيا كانت مواقعها، ومهما كانت أوضاع ومناصب مقارفيها، فليس هناك فاصل بين فساد كبار المسئولين أو صغارهم، غير أن ذيوع الفساد بين الكبار من شأنه ان يقلل فرص التعامل مع فساد الصغار بين الكبار من شأنه أن يقلل فرص التعامل مع فساد الصغار بفعالية وجدية.

كما يأخذ ذلك في الإعتبار أن من عوامل ذيوع الفساد وانتشاره اتساع نطاق التكامل الإقتصادي العالمي وتعميمه وبزوغ نظام مالي دولي متشابك تقنيا، وقيام تحالفات عالمية معقدة بين الشركات، وتسامح الكثير من البلدان مع أنشطة الفساد إلي حد السماح في البلدان الصناعية بخصم الرشاوي المدفوعة من الشركات متعددة الجنسيات الي المسئولين في الدول النامية من الضرائب باعتبارها نفقات مشروعة لتصريف أعمالها.

اولا: الجهود الدولية لمكافحة الفساد علي المستويين الاقليمي والدولي .

تأتي أبرز هذه المكافحة من خلال إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي اعتمادها في الدورة السابعة اللجنة المخصصة للتفاوض بشأنها في 1 أكتوبر 2003 وجرت مراسم توقيعها في شهر ديسمبر من العام نفسة معلنة بذلك ارادة دولية صلبة وصادقة لمناهضة شاملة للفساد والتزاما بتعديل التشريعات الوطنية وفاء بالالتزامات الدولية التي تفرضها هذه الإتفاقية بتجريم أنشطة الفساد كافة وملاحقة مرتكبيها وتوقيع الجزاءات الرادعة عليهما، فضلا عن إتخاذ تدابير المنع والوقاية التي عنيت الإتفاقية ببيانها، والإلتزام بالأحكام المتعلقة بآلية المتابعة علي نحو ما قررته الدول أطراف الإتفاقية، والتي اعتمدت من مجلس وزاراء الداخلية العرب في تونس في ديمسبر 2004 وتم اعتمادها من مجلسي وزاراء الداخلية والعدل العرب.

( أ ) إتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.

أفردت إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية المادة ( 8 ) منها لتجريم الفساد، ويبين من نص هدة المادة أن الإلتزام الذى فرضته علي الدول الأطراف في مجال هذا الإلتزام، قد انصب أساسا علي صور السلوك المختلفة للرشوة في نطاق الموظفين العموميين والقائمين بالخدمة العمومية، بالتعريف الوارد في القوانين الداخلية للدول الأطراف، شملت تلك الصور الوعد بالرشوة او عرضها أو منحها لأي من هؤلاء، سواء لصالحة أو لصالح شخص آخر أو هيئة أخري، مقابل قيامه بفعل في نطاق ممارسته مهامه الرسمية أو الامتناع عنه، وكذلك طلب الرشوة، والاشتراك في إتيان أية صورة من صور السلوك الإجرامي المشار اليها.
والجدير بالإشارة إهتمام الإتفاقية في البند (2) من المادة المذكورة، بدعوة الدول الأطراف إلي تجريم صور السلوك، وتضمن البيان إذا ارتكابها موظف عمومي اجنبي او موظف مدني دولي، وهو ما يعد خطوة مهمة في مجال تجريم الرشوة الدولية ويلاحظ في هذا النطاق أن نص البند (2) من المادة ذاتها تضمن في نهايته دعوة الدول الأطراف إلي النظر في تجريم أشكال الفساد الأخرى.

ولقد عبرت الإتفاقية في المادة (9) الخاصة بتدابير مكافحة الفساد عن المصلحة التي تتبني الإتفاقية حمايتها بتجريم الفساد وبالتدابير الأخرى لمكافحته، والمتمثلة في تعزيز نزاهة الموظفين العموميين بمن فيهم القائمين بالخدمة العمومية، عن طريق منع فسادهم وكشف هذا الفساد عند وقوعه والمعاقبة علية، ويمتد نطاق حماية هدة المصلحة إلي الهيئات الاعتبارية، التي حرصت الإتفاقية من المادة (10) علي الزام الدول الأطراف باعتماد مايلزم من تدابير لإرساء مسئولية هذه الهيئات، التي يجوز ان تكون مسئولية جنائية، عن المشاركة في جرائم الفساد، في النطاق سالف البيان .

( ب ) إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

تكفل الفصل الثالث من إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بصياغته التي إنتهت إليها لجنة التفاوض في دورتها السابعة في 1 من أكتوبر 2003 بتناول التجريم والجزاءات، وما يتصل بهما اعتبارا من المادة (15) وما بعدها.

ويبين من مراجعة أحكام هدة المواد في شأن التجريم إن الإتفاقية اعتبرت من جرائم الفساد ما يلي :

• جرائم الرشوة بصورها التي اشتملت عليها إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية والتي سلف بيانها (المادتان 15و 16).

• المتاجرة بالنفوذ : ويعني وعد الموظف العمومي أو أي شخص آخر بميزة غير مستحقة، أو عرضها علية، أو منحه إياها مقابل التحريض علي استغلاله نفوذه الفعلي أو المفترض بهدف الحصول من إدارة أو سلطة عمومية تابعة للدولة الطرف علي ميزة غير مستحقة لصالح المحرض أو لصالح أي شخص آخر أو قيام الموظف أو شخص آخر بطلب أو قبول تلك الميزة (المادة 18).

• قيام الموظف العمومي عمدا لصالحة أو لصالح شخص أو كيان آخر باختلاس أو بتبديد أي ممتلكات أو أموال أو أوراق مالية عمومية أو خصوصية أو أي أشياء أخري ذات قيمة، عهد بها إلية بحكم موقعه، أو تسريبها بشكل آخر (المادة 17).

• إساءة إستغلال الموظف العمومي وظائفة أو مهام منصبة بأداء أو عدم أداء فعل ما انتهاكا للقوانين، بغرض الحصول علي ميزة غير مستحقة لصالحة، أو لصالح شخص أو كيان آخر (المادة 19) وهو ما يمكن أن يعتبر من قبيل التربح.

• إثراء الموظف العمومي العمدي غير المشروع، والمتمثل في زيادة ممتلكاتة زيادة كبيرة لا يستطيع تعليلها بصورة معقولة، قياسا إلي دخلة المشروع (المادة 20).

• الرشوة في مجال القطاع الخاص، والتي ترتكب عمدا من المديرين للكيانات التابعة لهذا القطاع والعاملين فية مقابل الاخلال بواجباتهم أثناء مزاولة انشطة إقتصادية أو مالية أو تجارية (المادة 21).

• اختلاس الممتلكات في القطاع الخاص، من المديرين والعاملين الذين يعهد بهذة الممتلكات اليهم بحكم مواقعهم (المادة 22).

• غسل العائدات الإجرامية (المادة 23) والجدير بالإشارة إن تجريم أفعال غسل الأموال ليس غاية في حد ذاته، وإنما هو وسيلة لمكافحة جرائم الفساد الأصلية التي تنتج هذة الأموال الغير مشروعة، كما أن هذة الأفعال تجرم باعتبارها جرائم مستقلة عن الجرائم الأصلية، بحيث يمكن ملاحقة الجناة فيها، حتي ان لم تصدر أحكام إدانة سابقة في الجرائم الأصلية مصدر الأموال التي تجري عليها أفعال الغسل، والجدير بالإشارة أن الأحكام المشار إليها في إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد قد حرصت في (المادة 26) منها كألشان بالنسبة لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية علي تقرير مسئولية الشخصيات الاعتبارية علي النحو السالف البيان.

(ج) الإتفاقية العربية لمكافحة الفساد.

من بعد اعتمادها رسميا تبين لنا أن هذه الإتفاقية سكتت عن تعريف محدد للفساد فقد تكلفت المادة الرابعة منه ببيان الأفعال التي يجب أن تجرمها الدول الأطراف في تشريعاتها الوطنية كجرائم فساد، وفي بيان صنوف هذه الأفعال أوردت الإتفاقية في المادة (4) مايلي :

كافة أفعال المتاجرة بالوظائف والنفوذ في مجال الموظفين العموميين وفي نطاق الشركات المساهمة، والجمعيات التعاونية والنقابات، والمؤسسات والجمعيات المعتبرة قانونا ذات نفع عام وكذلك بالنسبة الي الموظف العمومي الأجنبي أو الموظف المدني الدولي ويعتبر امتداد التجريم اليهما انفاذا لاتفاقية الأمم المتحدة للجريمة المنظمة، واتساقا مع الإتفاقية الدولية لمكافحة الفساد.

افعال اختلاس الممتلكات والاستيلاء عليها بغير حق، في نطاق الموظفين العموميين، وشركات المساهمة.

أفعال الإثراء غير المشروع، حيث لا يستطيع الموظف العمومي تبرير الزيادة الكبيرة في موجوداته قياسا إلي دخله المشروع
الرشوة في القطاع الخاص، اختلاس الممتلكات في القطاع الخاص، أفعال غسل العائدات الإجرامية بصورها المختلفة من تحويل الممتلكات أو نقلها، أو إخفاء أو تمويه الطبيعة الحقيقة للممتلكات أو مصدرها أو مكانها أو كيفية التصرف فيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها، وكذلك اكتساب الممتلكات أو حيازتها أو إستخدامها أو إدارتها أو حفظها أو تبديلها أو استثمارها.

أفعال إعاقة سير العدالة قد أخذت الإتفاقية العربية كالشأن بالنسبة لاتفاقيتي الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، ومكافحة الفساد بتقرير مسئولية الأشخاص الاعتبارية، مرددا ذات أحكامها (المادة 5) والذي نخلص إلية إن المنهج الذي اتبعته إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد في تحديد صور السلوك الجديرة بالتأثيم واعتبارها بهذه المثابة جرائم فساد تسري عليها أحكام التجريم والجزاءات وغيرها من الاحكام المتعلقة بالقواعد والإجراءات المتعلقة بها، والمنصوص عليها في ذلك المشروع، هو النهج الذي نراه أولي بالاتباع، وهو المفهوم الذي تعتنقه هذه الدراسة في شأن مقومات أجهزة القضاء القادرة علي تطبيق التشريعات الجنائية موضوعية واجرائية في هذا النطاق، علي النحو الذي تتحقق به غايات هدة التشريعات في مكافحة هدة الظاهرة الخطيرة.

والأمل معقود أن تثمر المجهودات التي تبذل علي مختلف الأصعدة وطنية كانت أو إقليمية أو دولية أو بحثية، وفي سائر مناحي المكافحة عن الحد إلي أقصي درجة ممكنة من ظاهرة الفساد، تجنبا لاخطاره وتلافيا لتنامية السرطاني، وذلك قبل أن تترسخ قواه، ويزداد اتساع مجاله، ويتجاوز حدود السيطرة.

الـمـصــادر:

• إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي اعتمدت في دورتها الخامسة والخمسين بتاريخ 15 نوفمبر 2000 ودخلت حيز التنفيذ في 29 سبتمبر 2003.

• وثائق الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب تونس 11 من ديسمبر 2003.

يستقبل الموقع كافة المقالات من المتخصصين فى كافة اوجه ومجالات التنمية أرسل مقالك

شارك مع اصدقائك


شارك بتعليقك
اقرأ ايضا
فيديو المؤسسة
المزيد
مقالات
المزيد
Image
  • القاهرة - مصر
  • Image%
  • Image

اليوم

  • Image
    ° العظمى
  • Image
    ° الصغرى

غداَ

  • Image
    ° العظمى
  • Image
    ° الصغرى