كريمان حرك تكتب: سهرة متميزة فى "صالون مقامات"
الإبداع فى الفكرة والتجديد فى التناول وإستكشاف التاريخ بعض صفات "صالون مقامات" الأخير الذى أقيم فى بيت الغناء العربى بقصر بشتاك قى شارع المعز بالتعاون مع إذاعة البرنامج الثقافى، والذى جاء بعنوان" الفنان محمد الطوخى حنجرة الماس وعبقرية الأداء" والذى تجلى فيه ثقافة ومهنية دكتورة إيناس جلال الدين صاحبة الفكرة والعنوان والإعداد والمناقشة الثرية من خلال حوار راق ليس غريبا على إعلامية ومذيعة لها خبرة طويلة فى مجال الموسيقى بالإذاعة والدارسة المتعمقة، والحاصلة على الدكتوراه.
الفنان محمد الطوخي
وهذا وحده لا يكفى حيث لها كاريزما خاصة تجمع بين الثقافة الموسيقية العميقة والجرأة الإعلامية والتواضع، جاءت هذه الرؤية من واقع متابعتى الدقيقة لهذا البرنامج سواء بالحضور أو عبر الأثيرا ولإطلاعى على مؤلفاتها التى أثرت بها المكتبة الموسيقية منها فؤاد الظاهرى، ومحمد منير، وعلى إسماعيل، وأسلوبها القائم على المنهج العلمى والتوثيق الدقيق.
نعود لموضوع الصالون الذى أرى إنه جاء متميزا مليئا بالمفاجآت، أولها أن موضوع الصالون شخصية أعطت الكثير للإذاعة وكانت أحد نجوم التمثيل فى روائع البرنامج الثقافى الشريك الأساسى فى هذا الحدث، والمفاجأة الثانية فى إختيار ضيف الصالون النجم أحمد محسن أحد أهم نجوم الأوبرا فى مجال الموسيقى العربية، حيث أنه من مطربى فرقه التراث المميزين، ويشارك أيضا فى فرقة "أيامنا الحلوة".
ولكن هنا أكتشفنا أولا أنه حفيد الفنان محمد الطوخى وثانيا أنه مؤرخا وموثقا لتراث جده الذى أستطاع، أن يلقى الضوء على هذا الفنان بسلاسة ولغة واضحة مستندا على كثير من الصور السمعية والبصرية، والذى أتمنى أن ينشرها حيث أننى أكتشفت بعد هذه الحلقة أنه لا توجد معلومات صحيحة عن هذا الفنان.
وكان من الذكاء ان أوضح فى البداية ان جده ليس الشيخ محمد الطوخى المبتهل وأن خالته الفنانة إيمان الطوخى، ثم تعرفنا من خلال الحوار على طبقة صوت الطوخى من طبقة الباص وهى أغلظ الأصوات الرجالى، ولكن ما يميزه إنه كان جهورى ولامع وواضح فى اللغة، وهذا يعد مميز فى هذه الطبقة ولهذا تم نصحه بالسفر لإيطاليا ليصبح مغنيا أوبراليا ولكنه عشقه للتمثيل والفرص المتنوعة التى أتيحت له جعلته يكمل مشواره فى مصر مع أسرته المكونة من 4 أبناء "سهام والدة أحمد محسن، ومحمود، ووفاء، وإيمان".
الدكتورة إيناس جلال الدين
ومحمد الطوخى ولد فى 16 أغسطس 1926 وتوفى 14 مارس 1988، وتقدم لعالم التمثيل من خلال إلتحاقه فى الأربعينيات بمعهد المثيل العربى، وتكونت اللجنة التى تم إختبار القبول أمامها من يوسف وهبى وسليمان نجيب وزكى طليمات ونجيب الريحانى، والأخير انبهر بصوته مما جعل الطوخى يهتم ويواصل التدريب، وشارك فى العديد من المسرحيات والأفلام والدراما الإذاعية ومن أعماله الهامة كان «مسلسل الأرض» الذى تحول إلى فيلم وكان يقوم بدور أبو سويلم الذى كان يقوم به محمود المليجى فى الفيلم، كان أيضا يقوم بدور الراوى فى العديد من الأعمال الفنية، لكن المفاجاة الهامة التى أتضحت فى هذا اللقاء وبررت اختياره ليكون موضوع هذه الحلقة إنه كان مغنيا ومطربا ساهم فى معظم الصور الغنائية بالإذاعة مثل "على بابا" و"تاج الجزيرة" و"الراعى الأسمر" و"عوف الأصيل" و"الخبازين" وغيرها .
وشارك عدد كبير من المطربات فى صور وثنائيات غنائية منهم فيروز، كما كان له باع كبير فى الغناء الدينى وكان أحد أعمدة الغناء فى بردة البوصيرى وكانت بتشجيع كبير من المخرج الراحل كرم مطاوع الذى جعل الكورال مصاحبا له كبطانة صوته وكان برنامجه الشهير أحسن القصص.
وقد أستعرض أحمد محسن للحاضرين عدد كبير من الصور النادرة مع عدد كبير من الفنانين وشهادة التخرج من المعهد والتكريمات التى حصل عليها بالإضافة لبعض الصور مع العائلة.
وصالون مقامات فكرة الفنان الراحل محسن فاروق الذى كان يشغل منصب مدير قصر بشتاك الذى يتبع صندوق التنمية الثقافية ويطلق عليه "بيت الغناءالعربى"، ويقام الصالون فى الخميس الأول من كل شهر ويقيمه البرنامج الثقافى بالإذاعة، وتسجل الحلقة لتذاع عبر الأثير لتصل لكل المستمعين فى أنحاء البلاد، وهنا تكمن قيمته حيث أنه الحدث الوحيد فى الصندوق الذى يستفيد منه الحاضرون فى الحفل والمستمعون، ومدير القصر الآن المغنى الأوبرالى المعروف والأستاذ بقسم الغناء بالكونسرفتوار دكتور مصطفى محمد الذى يحسب له إقامة مثل هذا الحدث المتميز.
ومن صفات الصالون أن يتضمن جزء موسيقى غنائي، وهنا يجمع بين الثقافة المعلوماتية والإستمتاع بالفن، وقد أحيا هذا الجزء أحمد محسن حفيد الفنان محمد الطوخى الذى ختم السهرة بأغنية أم كلثوم "أنساك ياسلام " وكان قد تحدث عن أم كلثوم وقارن بين صوتها القوى وصوت الفنان الطوخى كما سبقه فى الغناء المطربة نغم سليمان التى غنت لفيروز «سكن الليل» أيضا بمناسبة أنه جاء الحديث عنها فى المناقشة الثقافية وأنشد المطرب أحمد عبد العزيز أغنية "ياحلو ناديلى" وجاء الأداء على مستوى متميز ودقيق وإبداع من جانب المطربين.
أما الفرقة الموسيقية التى صاحبتهم يعد قائدها دكتور مازن دراز محترفا بإمتياز، حيث من خلال تخت صغير العدد قدم لنا موسيقى بثراء نغمى رائع ودقيق، كان خير ختام لهذه السهرة المتميزة والتى يستحق كل من البرنامج الثقافى وصندوق التنمية الثقافية كل التحية عليها.
nanny.harak@gmail.com