كريمان حرك تكتب: مرحبا «بالمتروبوليتان» والشكر لوزيرة الثقافة وللدكتور محمود عبدالله
أخيرا وبعد طول غياب بسبب الكورونا عاد البث الحى لعروض «المتروبوليتان» للمسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية بتشجيع من وزيرة الثقافة دكتورة إيناس عبد الدايم، وبجهد متميز يستحق كل الشكر من دكتور محمود عبدالله عضو مجلس إدارة المتروبوليتان والمصرى الأمريكى الذى بالرغم من أنه خبير إقتصادي كبير فى مجال التأمين إلا إنه من عشاق الفنون الراقية، وهو أول من كان له الفضل فى حصول دار الأوبرا المصرية على حق البث المباشر لهذه العروض فى أكتوبر 2010 والتى أتيح لى متابعتها بدقة.
وتضمن الجزء الثانى من كتابى "الفن الجميل" فصلا كاملا عن هذه العروض.
وقد قدمت هذه العروض بتعاون من المرحوم دكتور عبد المنعم كامل رئيس الأوبرا فى حينها، ثم توالت العروض بعد ذلك بحرص كبير من دكتورة إيناس عبد الدايم طوال فترة توليها منصب رئيسة الأوبرا، ولم تكتف بذلك بل أستجابت لما ناديت به من أن يتضمن كتيب العرض تعليقا باللغة العربية للعمل إسوة بما يتم فى أوبرات فرقة أوبرا القاهرة، ليساعد الجمهور على فهم العمل وتذوقه، وقد قامت بذلك دكتورة رشا طموم على خير وجه ونتمنى، أن يستمر دكتور مجدى صابر الرئيس الحالى لدار الأوبرا على هذا التقليد.
كما كانت لمحة وفاء واجبة إهداء حفل الإفتتاح لروح الراحل الفنان حسن كامى المؤسس لمعظم ريبرتوار فرقة أوبرا القاهرة منها "ريجوليتو" التى سوف تكون أولى العروض.
ومشروع البث الحى يتم بأن تقدم حفلة فى أوبرا «المتروبوليتان» بنيويورك صباح يوم السبت ومن خلال التقنيات الحديثة وبواسطة الأقمار الصناعية، يتم بث هذه العروض سينمائيا فى معظم بلاد العالم كل حسب توقيته، وبالنسبة لنا فى مصر تكون فى المساء طبقا لفارق التوقيت وهذا بتكلفة مالية عالية يقوم بها عدد من الرعاة بذل.
دكتور محمود عبد الله الكثير فى جمعهم كما تحتاج لفنيين على مستوى عالى من التقنية وهذا متوفر لدى أبناء دار الأوبرا.
والعروض كانت نقلة كبيرة لهذا الفن لإنعكاسها على المستوى الفنى لنجومنا المصريين سواء الفنانين والفنيين حيث مثلت ذروة فى الأداء الموسيقى والغنائى والتناول البصرى، ولم يكتف المسؤلون عن هذا النشاط أن يبث العرض فقط، بل كان فى الإستراحة تقدم ميزة يتمتع بها أيضا المتفرج حيث تخترق الكاميرا الكواليس فى جولة ولقاءات مع النجوم والقادة والمخرجين، ويتعرف المشاهد على تفاصيل ما يجرى خلف المسرح.
وطبقا لما سبق نجد أن العروض ذات فائدة للفنان وأيضا لعشاق الأوبرا وايضا لمحبى المعرفة الذين يمثلون محور اهتمامى، ولكن بالنسبة لى كناقدة صحفية أسعى منذ سنين طويلة لإرساء دعائم النقد الموسيقى فى الصحافة اليومية فى مصر.
أعترف ان البث الحى «للمتروبوليتان» أحدث طفرة كبيرة فى مجال النقد الموسيقى بشكل عام حيث حدث تناول نقدى للعروض فى معظم صحف العالم وهذا جعلنى شخصيا أدخل فى مجال منافسة عالمية وخاصة أن المقالات أكتبها لجمهورى باللغة العربية، والذى أحرص أيضا أن تصله المعلومة الدقيقة عن العمل، بالإضافة للتناول النقدى .
ثم ننشر المقال مترجم للغة الانجليزية فى جريدة "الأجيسيان جازيت" وينشر فى موقعها الألكترونى ليطلع عليها العالم، ومن هنا كانت المنافسة العالمية.
لقد شاهدنا من خلال هذه الشاشة السحرية عروض لم تسمح الظروف للأغلبية مشاهدتها أو التعرف عليها، حيث أن معظمها لم يكن ضمن ريبرتوار فرقة أوبرا القاهرة، كما أنها عروض صعبة التقديم، منها على سبيل المثال أوبرات "ريتشارد فاجنر" الناطقة بالألمانية منها "ذهب الراين" و"الجنية المحاربة "و "بارسيفال"، وهى أعمال تمثل مكسباً ضخماً للجمهور المصري ليس فقط لأن أعمال هذا المؤلف تمثل نقطة تطور في التاريخ الموسيقي، وخروجاً على المألوف في مجال الأوبرا وأعماله من عيون التراث العالمي المضيئة، وأننا لم نشاهدها على مسارحنا من قبل، وإنما لأنه صعب تقديمها في مصر ولا نحلم أن تكون من رصيد فرقتنا القومية أو نشاهدها من خلال فرقة زائرة، لأنه ليس لدينا المكان ولا نملك الخبرة والتقنية التي تؤهلنا لتقديم أعمال هذا المؤلف، حيث إن أعماله تحتاج إمكانيات صوتية ومسرحية عالية وغير تقليدية.
كما شاهدنا أيضا الأوبرات الروسية مثل "أوجينى أوجين "لتشايكوفسكى، و "الأمير إيجور" لبوردين، والتى تعد من أهم العروض ليس لدى المتفرج المصرى هنا فقط وإنما لدى عشاق فن الأوبرا فى كل مكان فى العالم يصل إليه هذا النقل الحى، لأنها من ناحية لا يتم تقديمها خارج روسيا إلا نادرا، كما أنها قدمت أخر مرة فى «المتروبوليتان» عام 1917 وكانت نسخة باللغة الإيطالية، أما العرض الذى شاهدناه فى أكتوبر 2014 تم تقديمه باللغة الروسية واستعان بكبار المغنيين الروس، كما أنها قدمت برؤية موسيقية وإخراجية جديدة أثارت الكثير من الجدل فى حينها بين النقاد الموسيقيين فى كل أنحاء العالم، ولكن جدير بالذكر أن هذا العمل تم تقديمه فى مصر على المسرح الكبير فى سبتمبر عام 1993من خلال فرقة "نوفو سيبيرسك" الروسية بطاقم روسى كامل «اوركسترا وكورال وسوليست» وبقيادة المايسترو أ.لودميللين، ويعد هذا من إنجازات الراحل دكتور ناصر الأنصارى.
كما شاهدنا أيضا الأوبرات الأمريكية منها "فتاة الغرب" لبوتشيتى، والتى تم تأليفها بتكليف من المتروبوليتان وعرضت عام 1910 ناطقة باللغة الإيطالية، ولكن لتعبر عن أحداث تدور فى أمريكا، كما شاهدنا أيضا الأوبرا الأمريكية المعاصرة "ساتيا جراها"، بالإضافة لروائع التراث العالمى مثل الأوبرات الفرنسية "فاوست" لشارل جونوه و"مانوه" لماسينية و"الطرواديون" لبرليوز.
كما إنه للمرة الأولي شهدت الساحة الموسيقية عندنا أوبرا من عصر الباروك "1600-1700" حيث عرضت أوبرا "رودليندا" للمؤلف فردريك هندل، والعمل يمثل إحدي محاولات الإحياء وإكتشاف كنوز هذا العصر، والتي بدأت في أواخر القرن التاسع عشر وأتسع نطاقها طوال القرن العشرين حتي الآن.
هذه نماذج لبعض العروض التى شاهدنا منها الكثيرعلى مدى عدة مواسم بفضل البث المباشر.
ونعود لعروض هذا الموسم التى سوف تبدأ السبت 29 يناير بأوبرا "ريجوليتو" والتى يتم تقديمها برؤية جديدة والعروض الأخرى بالترتيب "أريانا من نكسوس" لشتراوس و"دون كارلو" لفيردى و"توراندوت" لبوتشينى و"لوتشيا دى لامرمور" لدونيزتى والختام مع الأوبرا المعاصرة "هاملت" للموسيقار الأسترالى المعاصر "بريت تن".
ولكن لى ملاحظة أرجو الإلتفات إليها أن هناك تقليد، حيث يتم تقديم شرح للعمل قبل العرض وهذا جيد، ولكن أرجو أن يكون باللغة العربية لأن المعلومات بالإنجليزية متوفرة فى الإنترنت، والمقصود بهذا التقديم المشاهد العربى الذى من حقه أن بلغة بلاده يستمع لشرح يسهل عليه عملية التذوق.
وعلى المتحدث أيضا أن يركز على العمل والتعريف بمميزاته ورؤياه الجديدة.
وأخيرا الدعاء بإنتهاء الكورونا وتحوراتها ليستمتع بهذه الفنون أكبر قاعدة جماهيرية، وأكرر الشكر للدكتورة إيناس عبد الدايم، ودكتور محمود عبدالله ومرحبا بالمترو بوليتان.
nanny.harak@gmail.com