أحمد عصمت يكتب: العسكريين بالعصور الحديثة يربحون معاركهم بفضل عبقرية الملك تحتمس
الملك العظيم تحتمس الثالث قد يكون ليس في شهرة الملك رمسيس الثاني، لكنه في الحقيقة إنجازاته كانت هي الأكبر، فهو قيادة عسكرية عبقرية .
لنجد موقعة «مجدو الحربية» كانت شاهدة علي عبقريته الحربية، فخطته الحربية في موقعة مجدو في شمال فلسطين تدرس في أكبر الأكاديميات والمعاهد العسكرية في العالم حتي اليوم .
نبذة تاريخية عن معركة «مجدو» .
إن معركة مجدو التاريخية الفاصلة، حدثت في عام 1457 قبل الميلاد، أي منذ حوالي ٣٥٠٠ سنة، حيث هاجم «تحتمس» أعدائه عبر الطريق الصخري الجبلي الوعر الضيق المنحدر، وليس من الطريق السهل الواسع المنبسط كما توقع اعداءة إنه سوف يهاجمهم منه .
وكان قد أرسل «الملك تحتمس» بعض قواته لخداعهم وتضليلهم عن إتجاه هجومه الأساسي، حيث أرسل بعض القوات إلي الطريق الذي توقع اعداءة إن «تحتمس» سوف يهاجمهم من خلالة، وقد بلعوا الطعم وحشدوا قواتهم في المكان الخطأ .
القادة العسكريين بالعصور الحديثة يربحون معاركهم بفضل الخطة العسكرية للملك تحتمس الثالث .
إن التاريخ الحديث كان شاهد علي العبقرية العسكرية للملك تحتمس الثالث، وذلك حينما قام جميع القادة العسكريين بالعصور الحديثة بتقليد خطته العسكرية، فرأينا كيف قام الألمان بغزو فرنسا في الحرب العالمية الثانية من غابة الأردين الوعرة الشبه مستحيلة، وليس من الأرض السهلة المتسعة عبر بلجيكا كما توقع الحلفاء، وكذلك نابليون حينما قام بتقليد الخطة العسكرية للملك تحتمس في موقعة «اوسترليتز» ضد النمسا وهو أكبر انتصاراته، وكان نابليون يعتبره مثله الأعلي وتعلم من خططه العسكرية العبقرية التي خلدها وكتبها الأغريق والرومان، وأيضاً قلده إبراهيم باشا أبن محمد علي باشا في معاركه ضد الأتراك التي أنتصر فيها كلها .
ولهذا يمكن القول إن جميع افذاذ القادة العسكريين بالعصور الحديثة اتبعوا الملك تحتمس الثالث في إختيار الطريق الصعب الغير متوقع في الحروب .
والجنرال البريطاني اللنبي كتب في مذكراته إنه أنتصر علي القوات العثمانية في فلسطين في الحرب العالمية الأولي وكانت المعركة الفاصلة بين الإنجليز والأتراك في نفس مكان موقعة «مجدو» القديمة، متبعآ نفس خطة تحتمس في موقعة مجدو تماماً، بل أستخدم نفس الطريق الجبلي الذي استخدمه تحتمس من 3500 سنه لمهاجمة العثمانين، فهو كان يعرف تاريخ تحتمس أما الأتراك العثمانين فلم يقرأون تاريخ مصر اساسأ، فهم جاءوا لينهبوا ويسرقوا ويذبحون ويخطفون النساء في أسواق الجواري العثمانية، والتي تُعد أهم تجارة في دولتهم، هذا هو الغزو بالنسبة لهم نهب وسرقة وخطف وبيع النساء والغلمان .
والجدير بالذكر إن الملك تحتمس الثالث هو أول من أنشأ مخابرات حربية في التاريخ البشري، وذلك حينما أرسل رجال مدربون يسبقون الجيش لجمع المعلومات عن العدو وأستطلاع مواقعه ومراكز قوته وأماكن ضعفه، ولأول مرة في التاريخ البشري أستخدم الملك تحتمس الأسطول البحري مع القوات البرية في هجوم متزامن من البر والبحر، وفعل ذلك في حملته علي سوريا، وقلده فيها الإسكندر الأكبر والرومان وجميع الجيوش الحديثة.
وعندما أراد غزو أعدائه في شمال العراق الذين سببوا له المشاكل في سوريا وهم يحتمون وراء نهر الفرات المانع المائي الصعب واثقين أن تحتمس لن يصل إليهم، ولكن عبقريه الملك تحتمس تغلبت علي هذا الأمر، وذلك حينما بني في سوريا سفن يمكن تفكيكها وتركيبها مثل الميكانو، وعبر بها مع جنودة مفككة مُحمله علي ظهورهم وظهور الثيران عبر الصحراء حتي نهر الفرات، ثم أعادوا تركيبها علي ضفاف الفرات وعبر فيها جيشه وأنتصر علي أعدائه في شمال العراق وجنوب تركيا الآن، وضمها إلي مصر .
الفيلد مارشال مونتجمري قلد نفس الخطة العبقرية للملك تحتمس فعبر نهر الراين وهزم ألمانيا النازية وقال في مذكراته إنه تعلم كيف يهزم أعدائه من الخطط العبقرية للملك تحتمس الثالث، وذكر عبور الراين وقال إنه تعلم فكرة نقل المراكب مفككة علي الأرض في أجزاء صغيرة ثم تركيبها ثانية أمام المانع المائي نهر الراين لتحمل قواته ودباباته وعبور النهر ومفاجأة الألمان، وقال الفيلد مارشال مونتجمري بالنص الملك العبقري تحتمس هو من أعطاني تلك الفكرة العسكرية العبقرية .
الملك تحتمس حارب 17 معركة أنتصر فيها كلهم، وأوصل حدود مصر من جنوب هضبة الأناضول إلي القرن الإفريقي «الصومال الحالي».
أنشأ إمبراطورية تضم جنوب تركيا الحالية وسوريا والعراق وفلسطين وشمال الجزيرة العربية لجنوب السودان والصومال، ومصنف عالميآ في كل الأكاديميات العسكرية الكبري في العالم، إنه القائد العسكري الوحيد في تاريخ الإنسان الذي لم يهزم أبدآ وأنتصر في جميع معاركه الحربية .
وعندما أنتصر في سوريا ولأول مرة في تاريخ البشر جدنا لم يقتل ملوك وأمراء أعدائه بل نقل أولادهم إلي مصر وعلمهم مع أولاد الأمراء المصريين في مدارس مصر، وعلمهم حضارة مصر وعلوم المصريين وعظمة وحكمة مصر، ثم أرسلهم ليحكموا بلادهم معززين مكرمين، لذلك حكمت مصر سوريا وفلسطين بواسطتهم، لمدي حبهم وولائهم لمصر التي عرفوا قيمتها وحضارتها وانسانيتها، واستمروا يرسلون أولادهم لقرون يتعلموا في مصر، ثم يعودون يحكمون شعبهم وأستمر هذا التأثير والسيطرة المصرية بدون إراقة دماء لحوالي 1000 سنة بعد وفاة هذا الملك العظيم تحتمس، وتحول الشرق الأوسط وربما لأول مرة وآخر مرة في التاريخ إلي جنة وواحة سلام برعاية وحضارة أجدادنا العظماء ومصر العظيمة .
والجدير بالذكر لقد أحضر الملك تحتمس من غزواته في سوريا كل المزروعات والطيور والحيوانات التي وجد ممكن زراعتها وتربيتها في مصر، فاجدادنا الفراعنة لم يكونوا غزاة يحضرون معهم رؤوس الأسري والضحايا الأبرياء المقطوعة ولا الجواري والنساء المسبيات مثل بعض الغزاة، بل كانو ناشري حضارة ومدنية ويعلموا الآخرين حضارة مصر ويحضروا من بلادهم ما يفيد مصر والبشر كلهم .
لهذا لن تجد في أي رسم أو نقش مصري قديم جيش مصري عائد منتصر من الحرب ومعه سبايا من نساء عدوه أو عبيد من أطفالهم، فهم كانوا رجالآ يحاربون الرجال فقط ولا يقربون لنساء العدو ولا أطفاله، وهذا هو قمة التحضر والإنسانية التي كان يتسم بها القدماء المصريين .
إن مصر القديمة لم يكن فيها أسواق للعبيد ولا للجواري البنات الصغيرات المخطوفات بعد غزو واستحلال شعوبهم .
أعظم خدمة قدمها الملك تحتمس الثالث للبشرية .
يمكن القول إن أكبر خدمة وأعظم تأثير قدمه الملك تحتمس الثالث للبشرية ليس الحروب، ولا الانتصارات العسكرية، ولا خططه العبقرية، ولا معابده الضخمة، ولا تماثيله الرائعة بل كان الفراخ؟!، نعم «الدجاج» فقد أكتشف في سوريا طائر بري ضعيف سهل الأنقراض كثير التكاثر، كثير البيض، وطعم لحمه جميل ولم يكن موجود في العالم القديم كله إلا في سوريا، فأحضره معه لمصر وأسموه المصريون طائر آمون وتمت تربيته والإكثار منه، وابتكر له المصريون العباقرة مفارخ البيض، وهي مباني من الطين بتصميم خاص يرص فيها البيض بطريق معينة ويحرق فيها القش ببطء فكل البيض يفقس معآ ولا يفقد منه شئ .
لهذا يمكن القول إن أول مزارع دواجن في تاريخ البشرية إنشائها الملك تحتمس، وعندما جاء نابليون لمصر انبهر الفرنسين بهذا الاختراع العبقري وألفوا فيه الكتب، وبدأت مزارع الدواجن تنتشر في أوروبا والعالم .
لذلك أريدكم عندما تأكلون الفراخ أن تتذكروا الملك تحتمس، لأن من مصر انتشرت الفراخ للعالم كله، وهذه المعلومة فقط يمكن استثمارها في السياحة، فهي كفيلة بمفردها أن تُدر علي مصر مليارات الدولارات لو تم استغلالها بمهارة .
وقد يتسائل البعض من أتيت بكل هذه المعلومات عن تحتمس الثالث، أقول لكم من كتاب التاريخ للمدارس الحكومية (الأميرية) المصرية، فكان يُدرس في العشرينات من القرن العشرين للمرحلة الإبتدائية في العصر الملكي، نعم في العشرينات، وهو كان كتاب يخص خالي الكبير رحمه الله، حينما كان في المرحلة الإبتدائية، ووقع في يدي وأنا صغير، وكان مثل كتب الكوميكس، أي كله صور والمعلومة مكتوبه أسفل الصورة، وكان كل الكتاب عن أجدادنا الفراعنة .
وللأسف الأن أطفالنا يدرسون تاريخ الغزاة الذين أذلوا أجدادنا واذاقوا شعبنا المهانة والعذاب ونهبوا مصر، يدرسون تاريخ من سبوا أجدادنا وباعوهم في الأسواق واغتصبوهم، ندرس لأطفالنا في المدارس من علقوا أجدادنا علي الأشجار بالألاف وصلبوهم واحرقوهم أحياء عندما ثاروا علي الظلم والاحتلال والطغيان.
بل نسمي بعض شوارعنا بأسمائهم!، فمن سبوا أجدادنا واستعبدوا أطفالهم، وباعوهم في الأسواق هم أبطال التاريخ الذي يدرسه أطفالنا في المدارس حالياً! .
إن كل الحقائق التي ذكرتها من كتب الغزاة أنفسهم من مؤرخي الغزاة ذاتهم، ومع ذلك لا يدرس أطفالنا تاريخ أجدادنا العظماء .
لهذا يمكن القول معظم أطفالنا لا يعرفون تاريخ أجدادنا الحقيقي، فهم لا يعرفون من هم؟، وما هي هويتهم؟، ولماذا كانوا أجدادنا عباقرة ومتقدمين واغنياء؟ .
لا يدرسون الأطفال تاريخهم الحقيقي ثم نتساءل لماذا كثير من الأجيال الجديدة ليس لديها لمصر؟، ولا تحب مصر؟، ولا تخاف علي مصر مثل الأجيال القديمة؟ .
والإجابة تكمُن في محتوي كتب التاريخ التي كانت تُدرس لأطفالنا في مدارسهم في العشرينات من القرن العشرين.