رانيا الرباط تكتب: مفهومنا عن النجاح؟!
توقفت كثيراً وأنا أبحث عن عنوان أكتبه فقد كنت أرغب في كتابة مقياس النجاح كعنوان، لكننى توقفت لأفكر هل للنجاح مقياس؟!.
هل يمكن أن نضع للنجاح تدريج رقمى مثلاً فنقول حصلت علي ٥ من١٠ في النجاح؟؟، ثم أردت تغييره لأكتب معيار النجاح، ولكننى توقفت للمرة الثانية لأسأل وماذا تعنى كلمة معيار؟، هل تعنى أيضاً درجة قياسه؟؟، ثم فكرت في أن أجرد الكلمة من أي كلمة تسبقها فكتبت فقط النجاح! .
وأحسست أن لوقع الكلمة نبضاً لا يخطئه القلب ولذة تستشعرها النفس، وجرس موسيقي يطرب الأذن؛ إذن ما هو النجاح؟ وهل يمكن تحديده؟ .
أعلم أن الجميع سيسارع للإجابة بأجل بالطبع لكننى أرى هذا تسرعاً، خاصة وسط أختلافنا في تحديد ماديته، فهل أرى من أمامى ناجحاً لمجرد إنه نجح فيما كنت أريد أنا تحقيقه؟!.
وهل من يعتبر نفسه ناجحاً في مجال لا يهمنى لا أراه أنا ناجحاً؟!، هل للنجاح خصائص يتفق عليها الجميع فنقول مثلا فلان ناجح لأنه كذا وكذا وكذا؟.
النجاح الحقيقي هو النابع من الذات حسب رؤية كل إنسان للحياة حسب الطريق الذي يختاره لنفسه حسب إمكانياته وهدفه وطموحه الذي يسعى لتحقيقه لذلك يختلف تعريفنا للنجاح، فأنا إذا أردت مثلا أن أصير طبيباً فبلا شك سأعتبر دكتور مجدى يعقوب ناجحا؛ وإذا أردت أن أكون لاعب كرة ناجح فسوف أعتبر محمد صلاح ناجحاً وهكذا، وللنجاح حقاً خصائص ومعايير تسبقها صفات وأسلوب حياة فـ «الناجح» بصفة عامة إنسان نشيط ومجتهد وفي سعى دائم في المجال الذي يختاره فإن كان علمياً فهو في سعى دائم لطلب العلم والدراسة، وإن كان في مجال رياضي فهو في سعى دائم في المحافظة علي أسلوب الحياة الصحى والتدريب المنتظم، وإذا كان في مجال الثقافة والفن فهو في سعى دائم في القراءة والتدريب ورفع مهاراته؛ جميعهم يربطهم طلب العلم والإجتهاد؛ ولكننا وللأسف منذ أختلفت توجهاتنا وتفرق أتحادنا وتشتتت أحلامنا بتنا ننظر لمن يختلف عنا علي أنه غير ناجح، بل ونؤكد أنه يفنى حياته فيما لا يفيد .
فمن كان منا غير مهتم بالفن يرى أن الفنانيين غير ناجحين، ومن كان غير مهتم بالثقافة يرى الشعراء والكتاب هالكون وهكذا في سلسلة لا تنتهى من القذف والذم، نقلل فيها من شأن من سعى لمجرد أختلافنا معه في الطريق الذى يسعى فيه في محاولة لفرض أستامبة محددة الشكل والأطر لتحتوينا جميعا معلنيين إما أن يكون النجاح هكذا وإلا فلا في رفض صريح لفطرة الإختلاف التى جبل الله سبحانه وتعالي عليها البشرية فخلقنا متنوعين في الأشكال والألوان في كرنفال ثرى الألوان، خصب الأفكار يجعل صورة الحياة نابضة متحركة وغير ثابتة؛ لكن خفافيش الظلام ممن يرغبون بفرض إطار خارجى محدد كفرض زى معين مثلا وإطار فكرى محدد ببعض الأفكار الشحيحة الفقيرة، إما بسبب سعى إلي شهرة أو مال في كوميديا سوداء تغلف أحقادهم فتقلل من شأن الناجح المختلف معهم، وتقود حملات لتشويه سعيه لمجرد أنها وسيلة نفسية تعويضية عن الفشل الذى نالوه فلم يستطيعوا تحقيق أحلامهم لفقر إمكانياتهم فيقذفون الناجحين ويحاولون تحطيمهم وكأنهم هكذا يعلنون عن نجاحهم .
وهؤلاء يمكن القول إن أسلوبهم هو البناء علي أنقاض الناجحين بعد تحطيمهم وأغتيالهم بسيف الكلمة، وتشويه تاريخهم وما أكثر ما نرى هذا الآن يرتكب بحد سيف السوشيال ميديا التى لا ترحم أحد.