كريمان حرك تكتب: السبرانو إيمان مصطفى ومشوار طويل من الكفاح
فى الحفل الذى أقيم فى المسرح الكبير إحتفالا بالعيد الـ33 لإنشاء الأوبرا فى منطقة الجزيرة، وأيضا مرور 150 عاماً على تقديم أوبرا عايدة لفيردى والتى تم إنتاجها بتكليف من الخديوى إسماعيل؛ شعرت بالفخر والرضا وهذه المشاعر روادتنى وأنا أشاهد تكريم الحبيبة السبرانو إيمان مصطفى، ونبعت من شريط الذكريات التى مر أمام عينى فى عجالة عندما شاهدت إيمان لأول مرة عام 1987 فى مسرح الجمهورية بدعوة من الراحلة "فيوليت مقار" والتى قدمتها كطالبه. عندها تفاخر بها وكانت تؤدى دور البطولة فى أوبرا "لاترافياتا" أمام التينور صبحى بدير، هى كانت مازالت طالبة فى الكونسرفتوار وهو كان عائدا من دراسته للغناء فى إنجلترا، وكان صوتها مفاجأة أبهرتنى وذهبت للمايسترو يوسف السيسى قائد الحفل وقلت له هذه عايدة المصرية الجديدة بعد الفنانة وأكد لى أننى سوف أشاهدها قريبا فى عايدة وقد كان على مسرح الجمهورية أيضا وقبل إفتتاح الأوبرا الجديدة، ولعبت دور عايدة وكتبت عنها فى المرتين وتنبأت لها بالتميز، وقابلت المؤلف الموسيقى عزيز الشوان وقال عنها هذا الصوت يصلح لأداء البطولة فى اوبرته المصرية "أنس الوجود" وهذا كان تحقق بالفعل بعد عدة سنوات؛ وأتذكر أننى كتبت مقالا عنها نصحتها فيه بالمثابرة وتنوع الريبرتوار لأن نوع صوتها السبرانو الدرامى نادر.
وسافرت إيمان تكمل دراستها فى باريس وأنا أتابعها وبدأت خطواتها الأولى فى فرقة أوبرا القاهرة حين أعيد تأسيسها فى الأوبرا الجديدة فى أوائل التسعينيات، وبدأ الريبرتوار فى التكوين وكانت عند حسن الظن وأجتهدت فى حفظ الأدوار لتأخذ البطولة تلو الأخرى، ولم تكتف بالريبرتوار الإيطالى بل كان لها نصيب فى الأوبرا الفرنسية "تاييس "الذى قال عنها حسن كامى إن هذا الدور كان تحدى وإختبار أجتازته إيمان بإمتياز و لم تكتف بالبطولة فى الاوبرات وانما أشتركت فى معظم الغناء المنفرد (الريستال) فى المراكز الثقافية وباللغات المختلفة وأيضا إشتراكها فى أداء القداسات والأعمال الكورالية مع السيمفونى.
لا ننكر إنها أخذت فرص ولكن بكفاحها وإصرارها ومثابرتها أستثمرت هذه الفرص لصالحها وصالح فن الأوبرا فى مصر، لأن الغناء الأوبرالى يحتاج تدريب دائم وحفظ عن ظهر قلب وأيضا تمثيل وقدرة على التعبير. أما عن إنفرادها بأداء عايدة هى تعد ثانى شخصية مصرية أدت الدور بعد أميرة كامل وصوتها مناسبا تماما لهذا الدور الذى عليه كان هناك هذا التكريم الذى أرى أنه كان يجب أن تكون حيثياته غنائها لمعظم الربيرتوار الإيطالى توسكا وتريفاتورى ومدام بترفلاى ولابوهيم والحفل التنكرى وغيرها.
والآن أترك مشاعرى وننتقل للحفل الذى احيته فرقة أوبرا القاهرة وكان منوعات ومختارات من الاوبرات العالمية شارك فيه معظم نجوم الفرقة والذى نجد فيه إيمان مصطفى دخلت المسرح مع "دايفيدي سكالماني" مدير المعهد الثقافي الإيطالي والمستشار الثقافي لسفارة بلاده بالقاهرة وسلمها التكريم بعد كلمة قال فيها: اليوم نحن بصدد إحتفالية كبيرة فمنذ ١٥٠ عاما تم تقديم أوبرا عايدة لأول مرة هنا في مصر بالقاهرة ومنذ ذلك الحين إتحدت كلاً، من مصر وإيطاليا في مجال الموسيقي، وليس هناك أفضل من هذا التوقيت الذي نكرم فيه من جسد هذة الوحدة بين البلدين في مجال الموسيقي، لذا نحن نكرم خير ممثل للجسر بين الثقافتين المصرية والايطالية في شخص الدكتورة إيمان مصطفي صاحبة التاريخ الفني الطويل، ونكرم من خلالها دار الأوبرا المصرية علي جهودها في دعم هذا التعاون المثمر والبناء.
ومن جانبها قدمت الفنانة إيمان مصطفي الشكر للسفارة الإيطالية ولمدير المعهد الثقافي علي هذا التكريم والتواصل المستمر الذي أثمر تبادل الخبرات الفنية بين الجانبين، وأشارت إلي المايسترو الإيطالي "اليو اورتشيللو" قائد أوركسترا أوبرا القاهرة، والذى كان يقود هذا الحفل كما أعربت عن سعادتها بالتكريم وأضافت أنه بمثابة تتويج لمشوارها الفني.
عقب ذلك بدأ الحفل الذى تتضمن "ثنائيات وآريات من الأوبرات العالمية" ولهذا كان فرصة لأن يشترك فيه معظم نجوم الفرقة من أجيال مختلفة وهم "رضا الوكيل، ومصطفى محمد، ومنى رفلة، وداليا فاروق، وجولى فيظى، ووليد كريم، وعمرو مدحت، ونوريستا المرغنى، وعزت غانم، وليلى إبراهيم، وسلمى الجبالى"، والمفاجأة إستضافة التينور هانى الشافعى والذى أتمنى أن أراه عن قريب فى بطولة لإحدى الأوبرات.
وقدمت إيمان مصطفى لفيردى آرية السلام ياآلهى من أوبرا "قوة القدر" أما ختام الحفل كان مفاجأة من المايسترو حيث قدم سينفونيا من أوبرا عايدة تعد من المقطوعات النادرة التى كان كتبها فيردى كأفتتاحية لعايدة عام 1972، ولكنه تراجع عن ذلك ولم يتم عزفها إلا فى تسجيل إذاعى نادر للمايسترو ارتورو توسكانينى فى الولايات المتحدة الأمريكية فى 30 مارس 1940؛ وبشكل عام يحسب لهذا المايسترو إختيارته لبرنامج متميز وقوى يمثل إضافة لفرقتنا القومية ولنجومها وأيضا للجمهور الذى احتشدت به الصالة والتقدير أيضا لمخرج الحفل حازم طايل ولمهندس الصوت خالد درويش.
وأخيرا كل التهنئة للسبرانو المصرية المجتهدة التى كما سبق أن ذكرت تابعت نشاطها منذ الثمانينات حتى الآن، ويشهد على ذلك الجزء الثانى من سلسلة كتبى "الفن الجميل" والذى جاء بعنوان" فن الأوبرا فى مصر" التى تحتل إيمان العديد من صفحاته من خلال النقد الموضوعى للأوبرات. حقا لقد شعرت بالفخربك وبالرضا عن نجاحى فى متابعة مسيرتك المهنية المشرفة.
nanny.harak@gmail.com