كريمان حرك تكتب: الشاعر الغنائي الكبير بخيت بيومى وموسوعة «الحريف»
صدر مؤخرا الجزء الأول من موسوعة الحريف للشاعر بخيت بيومى، والذى أرى إنه من الشخصيات النادرة التى سوف يحكى عنها الزمان. أنه الموهبة الربانية الذى أستفاد من تجارب الحياة ولهذا أطلق على نفسه لقب "شاعر الرصيف" لكن نجد إنه تفوق بشعره على كل شعراء الصالونات؛ لقد أمسكت الكتاب لمجرد التصفح ووجدتنى اقرأة حتى الصفحة الأخيرة لقد أعطانى طاقة إيجابية للبهجة التى تطل من معظم صفحاته.
الكتاب يتضمن ثمانية وثمانون إبداعا من السبعينيات وحتى يومنا هذا، تنوع فريد من القصيدة للموال للزجل للفزورة للمدح للرثاء لكن مايميزه أن طوال رحلة قراءته.
وجدت نفسى أدور وسط فلسفة عميقة عن الحياة تؤكد بصيرة هذا الشاعر الجميل الذى يمتلك عينا ثاقبة تلتقط معانى يعبر عنها بسلاسة؛ أنه فعلا حريف بتشديد الراء وبالتعبير الشعبى المصرى الصميم الذى يعبر عن إمتلاك ناصية الحرفة.
والرصيف الذى جاء فى العنوان طل علينا مع الإهداء الذى جاء غير تقليديا وكان قصيدة كتبها عام 1971 ومطلعها :
الإهداء لواحد صاحبى كان فنان ومات
كان فى قهوة بلدى ينام يبات
ويوم مامات يومها عزل من سكات
ويمضى فى الصياغة حتى يقول:
وكان نحيف العود وشبهى
ورغم فقره كان ظريف
كان موصى يفحتوله
ويدفنوه تحت الرصيف
جنب منه بصلة ناشفة
ويا لقمة من رغيف
ثم يكتب عن الرصيف ويقول:
فى كل شارع التقيه
موصلاتى فى سكتى
ادوس عليه لا يشتكى
من دق كعب جزمتى
رغم الزحام
عنده التزام
يكون تملى فى خدمتى
الرصيف صديق حياتى
من زمان
من بداياتى
ويستمر فى مغازلة الرصيف ووصفه الى أن يرثيه فى ختام القصيدة بقوله :
النهاردة اللى باقى
من الرصيف
الفتات
واتلسعتا واتوجعنا
والرصيف مبقاش
بتاعنا او تبعنا
اللى باقى منه ذكريات
ومن اهم قصائد الموسوعة قصيدة مدح فى دكتور محمد غنيم كتبها عندما ذهب للعلاج فى مركز المنصورة للكلى وأنبهر بشخصية هذا العالم الجليل ونظام المعهد المتطور
وجاءت بعنوان "قصيدة مدح من العيار اثقيل" ومطلعها :
شكرا على أحلى إشعة ... والعلم طبعا والصنعة
مركز لايمكن دى جامعة ... والجهد واضح فى العنوان
عالم الفزورة كان وراء شهرة بخيت بيومى إلا أنه إختار منها ست حلقات فقط، ونأمل أن يكمل حلقات أخرى فى الكتاب الثانى، كما أختار أيضا تترات بعض المسلسلات التى كتبها مثل مسلسل "اهلا بالسكان".
من الطرائف فى هذا الكتاب أنه كتب رسالة إلى بابا نويل بعد مقدمة نثرية أكد فيها أنه يرسل إليه رسائل سنويا ولايرد عليه وفى يناير 1991 أرسل رسالة من أبياتها :
انت بابابا نويل الليلة
فى كل بلاد الله معزوم
اخطف رجلك أعمل جولة
شوف العالم ليه مأزوم
ورغم البهجة التى تطل من سطور الكتاب إلا أنه هناك قصائد رثاء تدل على وفاء هذا الفنان الجميل حيث يرثى عبد الحليم حافظ وأيضا الشاعر مرسى جميل عزيز.
ولأن بخيت بيومى صاحب الألف موال ومعظمهم تم غنائهم نجده اورد فى الكتاب أربعة وعشرين موالا وختم الكتاب بعنوان "أخر موال" يقول فيه :
إللى بنى مصر فى الأصل كان أبن فلاح
فلاح وفالح ولا كان حرامى ولا نصاب ولا سفاح
بناها على الغالى وجبينه كان عالى وأرض مصر براح
هو إللى حارسها راضى بقليله ينام سعيد مرتاح
لا يستلف من بنك دولى ولا من ريمة ولا مشكاح
وعشان ما يبنى الكنانة بأمانة ومحبة عمل لها دستور
أساسه المحبة وإحترام الناس ودنيا كلها أفراح.
والشاعر الغنائى بخيت بيومى من أبناء الدقهلية ويقيم حاليا فى مدينة المنصورة، وقد كرمته وزارة الثقافة فى شهر نوفمبر الماضى فى مهرجان الموسيقى العربية بدار الأوبرا ولم يجعل هذه المناسبة تمر دون أن يضع بصمته الشعرية وقال قصيدته الرائعة التى مطلعها و"أخيرا بيكرموك يا بخيت" ليشعل الصالة بالتصفيق وليكون حديث الجماهير طوال هذه الليلة.
فى ختام الجزء الأول من الموسوعة أكد لنا أنه أعد الجزء الثانى وأعطى ملامح عن مضمونه .. الأمنيات له بالصحة والعافية لإتمام هذا الجهد الذى يمثل شذرات من إبداعه المتنوع وبشكل عام نحن فى الإنتظار.