كريمان حرك تكتب: باليه كسارة البندق يتألق فى وداع 2020 مهارة بالرقص وتفوق بالتنفيذ الموسيقي

جانب من عرض كسارة البندق

---

باليه "كسارة البندق" يتألق فى وداع عام 2020 مهارة فى الرقص وتفوق فى التنفيذ الموسيقى، ونجاح فى الإعداد وتميز فى الديكور والإضاءة والجرافيك .

باليه "كسارة البندق" الذي يتم تقديمه حالياً علي المسرح الكبير بدار الأوبرا، من خلال فرقتنا المصرية "فرقة باليه أوبرا القاهرة"، يعد من الأحداث الفنية الجميلة التي تودع بها الأوبرا هذا العام وتستقبل عاماً جديداً.

حيث أن هذا العمل تدور أحداثه في ليلة الكريسماس ويمثل متعة للكبار والصغار في آن واحد.
وألحانه الجذابة والشجية تتغلغل إلي النفس وتطرب الأذن، مما جعلها إحدي معالم أعياد الميلاد.

ورغم ظروف فيروس كورونا وما يتبعها من إحترازات وقائية، إلا أن العمل تم إعداده بحرفية وإتقان تحسب لمديرة الفرقة الباليرينا «أرمينيا كامل» جعلت المشاهد يستمتع به كالعادة .

• روائع تشايكوفسكى .

و"كسارة البندق" رفيق لعملين آخرين هما "بحيرة البجع" و"الجمال النائم" والثلاثة من ركائز فرق الباليه العالمية ومن عيون التراث الكلاسيكي، وتحظي دائماً بإقبال جماهيري كبير.
ومؤلف هذه الروائع وبالتحديد "كسارة البندق" موضوع حديثنا هو المؤلف الروسي الشهير «بيتر إلتيسن تشايكوفسكي» عام (1840 – 1893) الذي كتب كثيراً من الأعمال الخالدة، وتعد أعماله للباليه من أشهر مؤلفاته وأكثرها رواجاً وباليه "كسارة البندق" من أواخر أعماله بدأ في تأليفه عام 1891 وقدم لأول مرة في ديسمبر عام 1892 علي مسرح مارينسكي بمدينة سان بطرسبرج، وصمم رقصاته "ليف ايفانوف"، الذي تعد تصميماته ركيزة أساسية لهذا العمل رغم تعدد الرؤي من المصممين بعد ذلك.

وهنا في العرض المصري يستند العمل علي تصميماته بالإضافة لتصميمات "فايونين" ولكن وفق إخراج ورؤية للراحل عبد المنعم كامل، وإضاءة ياسر شعلان، والتى من خلالها جاء العمل سلساً بسيطاً جمع بين الواقع والحلم بدون خط فاصل واضح مما أعطي حداث.

أيضا تميز هذا العرض بإبهار فى الديكور الذى جاء من تصميم سابق للعالمى «سودفينيك»، ونفذه محمد الغرباوى  بتغيرات عمقت المشاهد وتميز واضح فى الجرافيك من المبدع محمد عبد الرازق، وخاصة فى مشهد تساقط الجليد وخلفية شجرة الكريسماس.

والباليه من فصلين، مبني على قصة اقتبسها الكاتب الفرنسي الكسندر دوما عن قصة "كسارة البندق وملك الفئران" للكاتب أرنست هوفمان.

• حلم كلارا وليلة الكريسماس .

وتبدأ حدوته هذا الباليه بإحتفال أعياد الميلاد في منزل والدة كلارا الفتاة الصغيرة ويقوم صديق العائلة "دروسلميير" بتقديم العديد من الألعاب السحرية لإدخال البهجة علي الحفل، ثم يقوم بتوزيع الهدايا ليكون من نصيب كلارا عروسة "كسارة البندق"، الذي يشعر أخوها بالغيرة من سعادتها بالدمية ويحطمها لها، ولكن يقوم صديق العائلة الساحر بإصلاحها ثم ينفض الحفل وتقوم كلارا في الليل لتري لعبتها وفجأة تتسع الحجرة وتكبر شجرة عيد الميلاد ونجد اللعب والعرائس تتحرك ويهاجمها مجموعة من الفئران وتدخل في معركة مع العرائس لتنتصر الأخيرة، ثم تتحول كلارا إلي فتاة جميلة وكذلك كسارة البندق يصبح فتي وسيماً ويصحبها في رحلة إلي مملكة الحلوي التي يجدون فيها الشيكولاتة التي تمثلها الرقصة الإسبانية، والبن يمثله الرقصة العربية، والشاي تمثله الرقصة الصينية والرقصة الروسية، ثم تشارك كلارا وكسارة البندق في رقصة "فالس الزهور" الشهيرة والرقصات المنفردة التي تبرز أيضاً ملكة الحلوي ثم تدق أجراس الصباح، فيتحول الجميع إلي عرائس مرة أخري. فتكتشف كلارا أنها كانت في حلم جميل.

• دراما حركية .

والعمل درامي يعتمد علي التمثيل الإيمائي والمهارة الحركية وفق قواعد الباليه الكلاسيكي، وهذا يعد من مهارات فرقتنا المصرية والتي تفوقت فيها وتجاوزت هذه المرحلة في أداء باليهات معاصرة وأكثر تعقيداً في الحركة، ولهذا ليس جديدا أداؤهم البارع والذي أعطي إنطباعا أن كل أفراد المجموعة نجوماً .
مثل هاني حسن وإسلام الدسوقى اللذان اتقنا التعبير والحركة في دور الساحر والذي يعد شخصية محورية.

وتستمر طوال العرض. كما نجح كل من "آنيا حسين ومريم كاربيتيان"، فى دور كلارا الكبيرة واستطاعت كل منهما فى إعطاء التعبيرات الدرامية الراقصة التي تحتاجها هذه الأدوار.

وأيضاً تألق مجموعة راقصات الجليد وتفوق أيضا السوليست في "فالس الزهور"، حيث إنها أدوار تعتمد على دقة الحركة الكلاسيكية والسرعة في الأداء. وكذلك برزت الباليرينا المصرية سحر حلمي في الرقصة الشرقية التى اشتهرت بها، بالإضافة إلي باقي نجوم الفرقة في الرقصة الصينية والروسية والإسبانية .

وكالعادة تألق ممدوح حسن وزميله حسن التابعى في دور الأمير كسارة البندق.
العمل تم تقديمه بمصاحبة أوركسترا أوبرا القاهرة وبقيادة المايسترو ناير ناجي الذى سبق له قيادته عدة مرات، وفى هذا العرض أستطاع أن يقدم الألحان والإيقاعات التي ميزت هذا العمل خاصة في فقرة الرقصات والتي تتنوع فيها الألحان التقليدية لكل بلد، وكان موفقاً في تقديم الافتتاحية التي تجمع بين الألحان النشطة والخفيفة والتي تختفي فيها الآلات الوترية الغليظة "التشيللو والكونترباص" .

• الموسيقى .

ونجح المايسترو إلى حد ما فى إشعار المستمع بالتكوين الأوركسترالي البديع لـ "تشايكوفسكي"، والذي فيه إستعمال مبتكر لآلات النفخ الخشبي والنحاسي وآلات الايقاع والتي يستخرج منها ألوان صوتية عصرية ومعبرة.

وبالنسبة للعازفين هذا العمل من رصيدهم الفني وسبق لهم أداءه كثيرا ومع قادة مختلفين، وأعتقد أن هذا ساهم في تقليل السلبيات، بل هناك من يجب الإشادة بهم مثل مجموعة آلة الكمان وعازفي الإيقاع وعازفي آلات النفخ.

وأخيراً  باليهات تشايكوفسكي تكمن قيمتها في موسيقاها، ولا يقتصر روادها علي عشاق الرقص وإنما يقبل عليها عشاق الموسيقي، و"كسارة البندق" عمل جميل والأجمل أن فرقتنا المصرية تودع به عاما يمضى وتستقبل به عاما جديدا .