رانيا الرباط تكتب: للخلف در
تُسمى إتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشر من العمر ( بالطفل ) ؛ تذكرت ذلك وأنا أشاهد صور خطوبة «طفلين» وسط فرحة شديدة وتأييد من قبل الأسرتين !.
شعرت وكأن الزمن قد توقف وكأننا نعود إلي عصور تجاوزناها بزمان، لكن دهشتى إزادت حينما وجدت تأييداً من بعض فئات المجتمع لتصرف الأسرتين !.
ليتم تعميق الحالة المجتمعية العبثية التى وصلنا إليها والتى حولتنا إلي دوائر مغلقة تنفصل فيها كل فئة بأفكارها ومعتقداتها وأسلوب حياتها عن دوائر أخرى يزداد عددها بشكل سريع مهدداً وحدة وتماسك هذا الوطن ! .
ففي الوقت الذى تسعى فيه الدولة جاهدة للنهوض ومحاولة اللحاق بالركب الحضارى مقررة أن بناء الأوطان يعتمد علي مشاركة المرأة للرجل في البناء، فنجدها تُعلى من مكانة المرأة وتمنحها المزيد من الحقوق وتشركها في شتى الأمور؛ وفى الوقت الذى تحاول فيه إيجاد مخرجاً لأزمة التعليم؛ نجد البعض يقف رافضاً لتلك الأفكار مشهراً معوله لا للبناء بل للهدم ! .
دعوة رجعية لتقليص دور المرأة ولتلقينها أن الزواج هو هدفها وليس العلم أو العمل؛ دعوة تصرف نظر أجيال يفترض أنها من ستبنى المستقبل، إلي التفكير في الغرائز والتركيز علي أن صنع الأسرة بديلاً عن صنع مستقبل مهنى قوى يسهم في رفعة الوطن؛ لانزال نعانى من كثرة عدد الأطفال التى تقوم الطبقات البسيطة بتقديمها إلي المجتمع ملتمسين لها عذر الجهل الذي منعها من تحديد نسلها.
لكن أن نجد مثل هذا الفكر في طبقات المجتمع المتوسطة فلابد من التنبيه للخطر القادم، وعليه فقد وجدت بعض الأستنفار من جهات رسمية معنية بحقوق الطفل وكذلك دوراً للأزهر الشريف في التحدث مع الأسرتين، لكن يبقي السؤال دوماً لماذا وصلنا إلي هذا الحد ؟ .
وأجد الإجابة دائماً في أزدواجية المعايير وتناقضها !، ففي الوقت الذي يتحدث فيه الأزهر رافضاً لمثل ذلك التصرف نجد شيخاً من شيوخ الأزهر أيضا يبيح بل ويقرر أنه يجوز طلب الفتاة للزواج وهى لاتزال في بطن أمها !!.
وفي الوقت الذى تطالب فيه جمعيات حقوق المرأة بأستقلالها نجد أجيالاً تخطت سن الزواج ونعتناها كمجتمع بالعنوسة !.
وفي الوقت الذى فشل فيه معظم الشباب في إيجاد فرص عمل وتوفير نفقات الزواج نجد دعوات للتعدد ! .
وفي الوقت الذي يناضل فيه حاملى الماجستير والدكتوراة للتوظيف نجد فنان لم يكمل تعليمه يتقاضي أجراً بالملايين ! .
حالة من التخبط تصيب مجتمعاً بأكمله يقف أمامها علماء التربية والأجتماع وعلماء النفس كالمتفرجين!، فيزداد أختلافنا وتزداد الفجوة بيننا ويختار كل منا حسب رؤيته أسلوباً لحياته، فمنا من يتشبه «بالغرب» ومنا من يرتد إلي «السلف» ومنا من يقف «حائراً» يشعر بعدم الإنتماء لا إلي هؤلاء ولا إلي هؤلاء .
وكل منا يكتفي بأن تكون قطعة الأرض التى يقف عليها فقط هى بالنسبة له الوطن، متناسين إنه ولابد وأن يكون الوطن نسيجاً واحداً وألا تمزق وتكالبت عليه الأمم .