الصناعات النسجية بين الأمل والرجاء ... الحلقة الخامسة «الملبوسات».
نستكمل مع حضراتكم سلسلة مقالات وحلقات صناعة الغزل والنسيج، والتي نستعرض فيها أهم المشكلات التي تواجه هذه الصناعة الهامة، ووضع حلول موضوعية لمعالجة تلك المشكلات.
وحلقة اليوم هي الحلقة الخامسة والمتعلقة «بالملبوسات».
وتأتى هذة المرحلة بعد عمليات التجهيز للأقمشة المُصنعة لغرض الملابس.
وإن كانت تبدو صناعة الملابس أبسط من المراحل التي سبقتها نظرا لتجرؤ الكثيرين عليها بغير علم إلا أنها أهم المراحل على الإطلاق فهي التي تخاطب المستهلك مباشرة ونجاحها يتوقف علي نجاح المراحل السابقة.
ومن أكثر المشكلات التى تواجه صناعة الملابس عدم وجود رقابة حقيقية تحافظ على ظهور المنتج فى صورته المثلي متوافقآ مع المواصفات القياسية العالمية من حيث المظهرية وضبط المقاسات وتوفرها بغض النظر عن العلامة المسجلة.
كذلك عدم وجود ماركات محلية تضاهي تلك العالمية والتى نتسارع لاقتنائها نظرآ لجودتها العالية، والتي تحميها بيوت الأزياء المصممة للمنتج النهائي مما يتيح لها رواجآ عالميآ أيآ كانت البلد المصنعة.
ويعتبر غياب «التصميم الواعي الذي يخاطب وجدان وإحتياجات المستهلك ويناسب البيئة المحيطة من أهم المشكلات»، رغم توفر المصممين إلا أن الجميع في بلادنا يسعون للتقليد أكثر من الإبتكار حتى صار لدينا منتج أصلي و منتجات مقلدة تحت مسمى «copy و high copy»، حتى غاب عن أسواقنا منتج محلي نثق في اقتنائه للأسف إلا في بعض الماركات المحلية القليلة جدآ. ولذلك صارت أماكن عرض الملبوسات جميعها تعرض إما منتج أجنبي يحمل علامات تسجيل أجنبية كما في المولات والمحلات الكبرى بأسعار لا تخص عامة الشعب أو منتج محلى بلا هوية لا يتناسب مع الموضة العالمية ولا يتبع أي مواصفة مما أفسد الذوق العام كغالبية المعروض في المحلات خارج المولات الكبري.
ومما سبق أقترح تفعيل المواصفة القياسية لأي منتج محلي وتسجيل العلامات التجارية حتى لا يتجرأ أحد على هذة الصناعة التي تمس الذوق العام بغير علم بل ويجب سن قوانين لتجريم أي منتِج بلا علامة مسجلة وتمنع عرضها في الأسواق.
كما أقترح ابتكار عدة علامات تجارية محلية ذات مواصفات قياسية عالمية لتغطي قطاع الملبوسات بالكامل على أن تُدعم إعلانيا لتصل لأكبر عدد من المستهلكين مغيرين بذلك الصورة الذهنية السائدة عن المنتج المحلي.
على أن يشمل ذلك دعم الدولة لفتح أسواق جديدة لتصدير هذة الماركات لاسيما في الأسواق الواعدة كدول الكوميسا "مجموعة دول إفريقية تعدادها حولي ٦٠٠ مليون نسمة"، وذلك من خلال وجود معارض مستمرة وأماكن توزيع لدي هذة الدول.
وللعلم جميع ما نصدره تقريبآ هو لصالح بيوت أزياء عالمية فقط نقوم بدور المنفذ لتعليمات المصمم الأجنبي وبالطبع يكون العائد المادي ضعيف جدآ جدآ.
وهنا نتساءل هل عجزنا عن إنتاج منتج يحمل علامة تجارية محلية ينافس الأجنبي؟!.
وكيف ونحن نجيد التصنيع طبقا لمواصفات المصمم الأجنبي كما هو الحال في التصدير أم إننا عاجزون عن تسويق منتجنا خارج حدودنا بالكيفية الملائمة؟!.
أعتقد أنه بيت القصيد ..
ولا يغيب عن أزهاننا القطن المصري طويل التيلة والذي يتمتع بسمعة عالمية مميزة والذي أهدرنا قيمته بمرور الوقت وصرنا نصدره خام ونستورد الغزول الهندي والباكستاني وغيرها أما آن الأوان لإستعادة ما فقدنا؟.
أما عن خطوط الإنتاج فجميعها مستورد رغم بساطته بدءآ من الإبرة إلى المستلزمات جميعها وكأننا أكتفينا من هذة الصناعة بدور التجميع والتنفيذ دون فكر ولا أمل في الإبداع!.
فهل يليق بدولة بها أقسام علمية وأساتذة في تخصص الملابس "fashion"، أن يقف بنا الحال في هذا الوضع السيء بعدما كنا نصدر منتجاتنا إلي العالم تحت مسمي صنع وصمم ونفذ في مصر في أوائل ومنتصف القرن الماضي؟!.
أين مصر المحلة و مصر حلوان و كفر الدوار وغيرها؟!.
أما آن الأوان لنستفيق وننقذ أكثر الصناعات كثافة العمالة، وأكثرها رواجآ بما يليق بتاريخنا و مكانتنا الصناعية الضائعة والأكاديمية الغير مفعلة والقاصرة على منح الشهادات الدراسية من دبلوم فني حتى الدكتوراة؟!.
أتمنى وجود دور فاعل للدولة...
يتبع في الحلقة السادسة ....
د . عبد المنعم محمود إستشارى طباعة وتجهيز المنسوجات و النانو تكنولوجي.