دينا محمد تكتب: رمضان شهر الرحمة والغفران .. والرفق بالحيوان بوابتك إلي الجنة أو النار
مع بداية أول أيام شهر رمضان الكريم، الذي هو شهر الرحمة والغفران، وما فيه من روحانيات لتقويم السلوك، وإحياء الضمير، والتوبة عن الكثير من المعاصي التي نفعلها على مدار العام.
لهذا دعونا نستمد من روحانيات الشهر الكريم، إعادة إحياء الإنسانية بداخلنا نحو بعضنا البعض كبشر، ونحو الحيوانات المُشردة بالشوارع «القطط والكلاب» .
وكما أمرنا الإسلام بعدم إيذاء وتعذيب الحيوانات والرفق بها، حيث قد يكون الرفق بالحيوان بوابتك لدخول الجنة، وايذاء وتعذيب الحيوانات قد يكون أيضا بوابتك لدخول النار.
يجهل الكثير من الناس خطورة تعذيب الحيوان، أو عدم إنقاذه، ولا يعرف أن إنقاذ هذا الحيوان ربما يكون سببا في دخول الجنة، كما أن تعذيبه ربما يكون السبب الوحيد لإدخال النار.
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: (( عُذِّبت امرأةٌ في هرَّة ربطَتْها حتى ماتت، فدخلَتْ فيها النَّارَ، لا هي أطعمَتْها ولا سقَتْها إذ حبسَتْها، ولا هي تركَتْها تأكل من خَشَاش الأرض )) رواه البخاري ومسلم.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (( بينا رجلٌ يمشي فاشتدَّ عليه العطشُ، فنزل بئراً فشرب منها، ثم خرج فإذا هو بكلبٍ يَلْهَثُ، يأكل الثرى من العطش، فقال لقد بَلَغ هذا مِثْلُ الذي بلغ بي فملأ خُفَّه ثم أمسكَه بِفِيهِ، ثم رَقِىَ، فسقى الكلبَ فشَكَرَ الله له، فغفر له )). قالوا: يا رسولَ الله، وإنَّ لنا في البهائم أجراً؟ قال: (( في كلِّ كَبِدٍ رَطْبةٍ أجرٌ )) رواه البخاري ومسلم .
إقرأ أيضا
• الرحمة في إستخدام الحيوان:
عن عائشة رضي الله عنها أنها رَكِبَتْ بعيراً فكانت فيه صعوبةٌ، فجعلَتْ تُرَدِّدُه، فقال لها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((عَلَيْكِ بِالرِّفْقِ...)) الحديث، رواه مسلم.
ومعنى (تردِّدُه): تجعله يسير ثم تُوقِفُه بشدَّة، وتكرِّر ذلك عدَّة مرات، وفي ذلك من القسوة عليه ما لا يخفى، لذا جاء أمره صلى الله عليه وسلم بالرِّفق مع هذا الحيوان.
وعني الإسلام بحق الحيوان في الطعام والشراب والراحة، وهي أمور أوجبها الإسلام على صاحب الحيوان، وتوعد من لم يفعلها بالعذاب في الآخرة، ووردت في هذا نصوص عديدة؛ منها ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم قال: “عُذِّبَت امرأة في هِرَّةٍ حبستها حتى ماتت جوعا، فدخلت فيها النار، قال: فقال: والله أعلم، لا أنتِ أطعمتِها ولا سقيتِها حين حبستيها، ولا أنت أرسلتِها فأكلت من خشاش الأرض”. وحين صلى النبي صلاة الكسوف ذات مرة قال: “دَنَتْ مني النار حتى قلتُ أي ربَّ، وأنا معهم، فإذا امرأة –حسبت أنه قال:- تخدشها خرة، قال: ما شأن هذه؟ قالوا: حبستها حتى ماتت جوعا” - رواه البخاري .
والهرة مثال على الحيوان الذي يدخل في حكم الإنسان، ولهذا فهذا الحكم ينسحب على ما كان في معناها من الدواب، ويزداد التشديد في حالة الحيوانات النافعة إذ هي “مملوكة محبوسة مشغولة بمصالح المالك”، حتى مالك النحل يجب عليه “أن يُبقي له شيئًا من العسل في الكوارة (أي: خلية النحل) بقدر حاجته إن لم يَكْفِه غيره”.
• الحيوانات الأليفة:
وهذا التشديد في الحيوانات النافعة المملوكة يبدو واضحا في حديث آخر، إذ مرَّ النبي ببعير “قد لَحِق ظهره ببطنه” من شدة الهزال، فقال صلى الله عليه وسلم : “اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة … فاركبوها صالحة وكلوها صالحة”.
ودليل ذلك أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى في حديث آخر بالإبل حال السفر فقال: “إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظها من الأرض، وإذا سافرتم في السنة فأسرعوا عليها السير، وإذا عرَّسْتُم بالليل فاجتنبوا الطريق فإنها مأوى الهوامّ بالليل”.
وبهذا جمع الحديث بين الرفق بالبشر، والرفق بالإبل، والرفق بالكائنات البرية، وهذا من جوامع كلمه عليه أفضل الصلاة والسلام.
• رجل دخل الجنة عندما سقي كلب.
وأخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن سقي الحيوان المحتاج يغفر الذنوب ويُدخل الجنة، فهو بهذا من عظائم الأعمال عند المسلم، قال : “بينا رجل يمشي فاشتد عليه العطش فنزل بئرا فشرب منها ثم خرج، فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي. فملأ خَفَّه، ثم أمسكه بفيه، ثم رقي فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له”، قالوا: يارسول الله، وإن لنا في البهائم أجرًا؟ قال: “في كل كبدٍ رطبة أجر” - رواه البخاري ومسلم.
إقرأ أيضا
• تجربتي الشخصية فى مجال الرفق بالحيوان .
وبعد أن استعرضنا رأي الدين القاطع فى فرض الرأفة والرفق بالحيوان، من خلال أحاديث نبوية صحيحة، سوف أستعرض مع حضراتكم تجربتى الشخصية في مجال الرفق بالحيوان والتي أمرنا بها ديننا الحنيف.
بدأت علاقتى بالحيوانات المُشردة بالشوارع، عندما كنت أخاف منها خوفاً شديدا وبخاصة «الكلاب»، فكلما رأيت كلب فى الشارع كنت أشعر بحالة خوف شديدة، وجلست مع نفسي بضعة دقائق وفكرت، لماذا هذا الخوف من كائنات معروف عنها صفة الوفاء والحب للإنسان، وسألت نفسي هل المشكلة فى هذا الحيوان "الكلب"؟، أم المشكلة بداخلي أنا؟، لأني لم أعطي لنفسي فرصة التقرب منه ورؤية رد فعلة؟، هل هو بالفعل حيوان مُخيف؟، أم هو حيوان يتسم بالطيبة وينتظر فقط مبادرة عطف من الإنسان نحوه؟.
وبالفعل قررت أنتصر على خوفي، واتقرب لهذا الحيوان وأعطي له فرصة التعبير عن صفاته التي تتسم بالوفاء والحب الإنسان، وهي الصفات التي خُلق عليها هذا الكائن الجميل "الكلب" .
وتوجهت بالفعل فى صباح اليوم التالي لقرارى بمواجهة خوفي الذي لا مبرر له نحو هذه المخلوقات البريئة، وأخذت معي بعض الطعام، وتقدمت ببطئ نحو مجموعة من الكلاب تعيش فى منطقة سكنى بمحافظة الإسماعيلية، ووضعت لهم الطعام على بعد بضعة أمتار، ثم تحركت للخلف ببطئ والابتعاد عنهم، ومراقبتهم من بعيد، فإذ اتفاجئ بتقدمهم نحو الطعام وعيناهم تنظر لي، تلك النظرة التي يصعب وصفها بالكلمات، ولكن جوهرها كأنهم يريدون أن يقولوا لي "شكرا".
وكررت الأمر فى اليوم التالي وذهبت لهم بالطعام، ولكن هذه المرة، وجدتهم يقفون فى مكانهم بحذر ورهبه، يهزون ذيولهم وكأنهم يرسلون لي رسالة طمانه وينتظرون مني أيضا رسالة طمانه، وذلك لشعورهم بالخوف نتيجة تصرفات بعض البشر معهم والتي لا تتسم بالإنسانية، وبالفعل وضعت لهم الطعام وأنا أشعر هذه المره بعدم الخوف، وتوقفت اراقبهم من بعيد، فكانوا يتناولون الطعام وينظرون لي ويهزون ذيلوهم فى فرحة صادقة.
وفى اليوم الثالث ذهبت لهم فى نفس الميعاد، ولكن هذه المره وجدتهم وكأنهم كانوا ينتظرون قدومي لهم، وبمجرد رؤيتهم لي، تقدموا نحوي فى فرحة وتهليل، وكأنهم يحتفلون بقدومي لهم، وإذ كلب فيهم يقف على قدمية ويرفع يداة ويبدأ فى الترحيب والسلام عليا، وهذا الموقف كسر بداخلي حاجز الخوف منهم، وكأنهم أعطوا لي لُقاح ضد فوبيا الخوف، فندمنت على كل لحظة كنت أخاف فيها من هذه الكائنات الرائعة الفائقة الوفاء .
لتبدأ رحلتي فى مجال الرفق بالحيوان وبخاصة مع الحيوانات المُشردة بالشوارع "الكلاب والقطط"، ومنذ ذلك التوقيت ولم أغفل يوميا على تقديم لهم الطعام، سواء الحيوانات القاطنه بمنطقة سكني، أو فى أماكن أخري.
• ردود أفعال بعض البشر معي أثناء اطعامي كلاب وقطط الشوارع .
تعرض لكثير من المواقف، التى كانت كفيلة أن تجعلنى اتخلي عن إنسانيتي والرحمة بتلك المخلوقات البرئية الضعيفة التي أوصينا بالرأفة والرحمة بها، فمن أشهر المواقف تكرارا، أن أجد ناس تتنمر على رحمتى وانسانيتى، سواء مواطنين يسيروا على أقدامهم أو يستقلون سيارتهم، فأجد من يقول لي لا تلقي لهم طعام، اذهبي وأعطى طعام لإنسان فقير، واخري تقف بسيارتها وتهددنى بقولها «خافي بقي عليهم طالما أنتي مُصممه على إلقاء الطعام لهم»، في إشارة لنيتها بوضع السم لهم كرها في تلك المخلوقات، وعدم رغبتها فى تواجدتها بمنطقة سكنها، مع العلم إن أكثر من 95% من كلاب الشوارع مسالمة وتخاف من البشر، وأن كان هناك حالات عقر تحدث، فهى تكون رد فعل من الحيوان نتيجة ما يتعرض له من إيذاء سواء من ناس كبيرة أو من أطفال لا تتجاوز أعمارهم 12 سنة .
• تغيرات إيجابية حدثت فى وجداني وحياتى عقب الانغماس فى مجال الرفق بالحيوان.
دعني أقول لك عزيزي القارئ، أن تجربتى فى مجال الرفق بالحيوان، كان لها أثر إيجابي كبير فى شخصيتى وفي وجداني، وجنبتى مشاكل نفسية كبيرة، فمن أهم الإيجابيات إننى انتصرت على الخوف، لأكتشف معه إننى أتعامل مع كائنات مستحيل أن تغدر بي، تعطى لى الحب الغير محدود الخالي من أي أطماع أو أغراض، تعلمت الصبر وتحمل المسؤولية، عرفت معني الوفاء الحقيقي الخالي من أطماع الجنس البشري، كان لها أثر إيجابي فى تقويم النفس البشرية لدي، عطائي امتدت لصبح عطاء غير محدود بحسب مقدرتي فى مساعدة أي إنسان وأي كائن غير بشري، إنها يا سادة متعة ممارسة الإنسانية، وخروج الرحمة من داخلك فى أعظم صورها.
واختتم مقالي الذي هو تجربتى الشخصية، والتي قد تساهم فى حل مشكلة لدي الكثير من المواطنين دائمة الشكوى من الحيوانات بالشوارع، حاول يا سيدي ويا سيدتى، أن تتقربي لهذه المخلوقات وتغلبوا وانتصروا على خوفكم، بعدها سوف تجدوا أنفسكم كائنات رائعة غير مؤذية، فقط تنتظر منكم مبادرة رحمة وعطف عليهم، فتتجنبوا المشكلات التي تؤرقكم منها، وتربحون الكثير من الحسنات، فهذا أفضل وأعظم من أن ترتكبوا معصية ايذاءها وقتلها بالسم، لأن الرفق بالحيوان قد يكون هو بوابتك إلي دخول الجنة أو دخول النار.
لهذا بعمل بسيط وغير مُكلف وبمجهود قليل، تحل مشكلتك مع كلاب الشارع، وتربح حسانات قد تكون سببا فى دخولك الجنة، واضعف الإيمان إن لم تكن راغب في فكرة التقرب من تلك المخلوقات الطيبة، أن تتركها في حالها لا ضرر ولا ضراراً، فقط حاول أن تتعرف على أبسط القواعد التى تجنبك الشعور بالخوف منها، وأهمها إن رأيت كلب فى الشارع لا تقوم بالإسراع فى خطواتك، وسير فى طريقك ولا تنظر إلية نهائيا وأكمل طريقك.