وزير الأوقاف يلقي خطبة الجمعة بالإسماعيلية: الإسلام حرر المعتقدات من الإكراه ولا يريدها حرب عقائد
• وزير الأوقاف في خطبة الجمعة بالإسماعيلية "الإسلام حرر المعتقدات من الإكراه ولا يريدها حرب عقائد".
•جمعة: لا يجوز التعرض لمعتقدات الآخرين بسوء وأمر الآخرة إلى الله وحده .
• الدكتور مختار جمعة: التعبير عن الرأي لا يعني احتكار الحقيقة ولا النيل من حريات الآخرين، فأنت حر ما لم تضر، والحرية المطلقة فوضى مطلقة، ويجب أن نحافظ على شعور الآخرين بقدر ما نحب أن يحافظوا على شعورنا، والعاقل يفكر قبل أن يتكلم، والأحمق يتكلم دون أن يفكر، والمنطق الرشيد دليل على عقل صاحبه، والمنطق المختل دليل على حمق صاحبه .
• وزير الأوقاف: شتان بين التعبير عن الرأي والانفلات القيمي والأخلاقي، حلقات السباب والفحش لا يمكن أن تكون رأيًا ولا أن تسمى رأيًا، وليس من الحرية الإعتداء على حرية الآخرين أو إيذاء مشاعرهم.
هذا وكان قد ألقى معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خطبة الجمعة بمسجد "الإسماعيلي" بميدان المطافي بمنطقة عرايشية مصر بحى ثان بمحافظة الإسماعيلية اليوم الجمعة 13 / 11 / 2020م، بعنوان :
"أدب الحوار والتعبير عن الرأي"، بحضور المهندس أحمد عصام نائب محافظ الإسماعيلية، واللواء تامر سعيد سكرتير عام المحافظة، والشيخ مجدي بدران مدير مديرية أوقاف الإسماعيلية، وعدد من القيادات الدينية والتنفيذية والشعبية بمحافظة الإسماعيلية، وبمراعاة الضوابط والإجراءات الوقائية للوقاية من فيروس كورونا .
وفي بداية خطبته أكد معاليه أن ديننا هو دين الحكمة والعقل والمنطق والإنسانية والأدب والذوق والرقي والحوار الهادف واحترام الآخرين، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى :
"ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ"، ويقول أيضًا :
"وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ".
مشيرًا معاليه إلى نموذج للحوار في القرآن في قصة سيدنا إبراهيم حيث حاور أباه بالحجة والإقناع قال تعالى :
"وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءنِي مِنَ العلمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَن يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِّنَ الرَّحْمَن فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا قَالَ أَرَاغِبٌ أَنتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْراهِيمُ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا"، فكرر سيدنا إبراهيم عليه السلام لفظة «يا أبت» أربع مرات للتلطف والأدب في الخطاب، وزيادة في التلطف لم يقل يمسك عذاب من الجبار وإنما قال "من الرحمن"، وأجاب على تهديد والده له "لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا" بمنتهى الأدب والرقي "سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا"، وظل (عليه السلام) على عهده إلى أن نُهي عن ذلك، حيث يقول الحق سبحانه :
"وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ" .
وبما أن الجزاء في الدنيا والآخرة من جنس العمل، لقي سيدنا إبراهيم (عليه السلام) من أدب ولده إسماعيل (عليه السلام) ما فاق أدبه هو مع والده، على نحو ما صوره لنا القرآن الكريم في سورة الصافات، حيث دعا سيدنا إبراهيم (عليه السلام) ربه أن يرزقه الولد الصالح فَمنَّ عليه الحق سبحانه وتعالى بسيدنا إسماعيل (عليه السلام)، ثم بشره بسيدنا إسحاق، ومن وراء إسحاق يعقوب (عليهما السلام) ، وفي شأن ولده إسماعيل (عليه السلام) يقول الحق سبحانه على لسان سيدنا إبراهيم (عليه السلام) :
"رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ * فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ * فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ " .
ونلاحظ أن سيدنا إسماعيل (عليه السلام) قد خاطب والده بنفس اللفظ والأدب الذي خاطب به سيدنا إبراهيم (عليه السلام) والده “يَا أَبَتِ” , فهم كما قال الحق سبحانه: “ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ”، وفي الأثر : افعل ما شِئتَ كما تَدينُ تُدان .
وقد أكد وزير الأوقاف في خطبته أن الإسلام حرر المعتقدات من الإكراه ولا يريدها حرب عقائد، وأنه لا يجوز التعرض لمعتقدات الآخرين بسوء، وأمر الآخرة إلى الله وحده.
كما بين أن التعبير عن الرأي لا يعني احتكار الحقيقة ولا النيل من حريات الآخرين ، فأنت حر ما لم تضر، والحرية المطلقة فوضى مطلقة، ويجب علينا أن نحافظ على شعور الآخرين بقدر ما نحب أن يحافظوا على شعورنا .
والعاقل يفكر قبل أن يتكلم، والأحمق يتكلم دون أن يفكر، فالمنطق الرشيد دليل على عقل صاحبه، والمنطق المختل دليل على حمق صاحبه .
وشتان بين التعبير عن الرأي والانفلات القيمي والأخلاقي، أما حلقات السباب والفحش فلا يمكن أن تكون رأيا ولا أن تسمى رأيا ، وليس من الحرية الاعتداء على حرية الآخرين أو إيذاء مشاعرهم.
وختم وزير الأوقاف خطبته بقوله :
"إن كل ما يدعو إلى البناء والتعمير وحماية الأوطان يتسق مع حرية التعبير عن الرأي، وكل ما يدعو إلى الهدم أو التخريب لا علاقة بحرية الرأي أو بالقيم الإنسانية ولا بالأديان ولا الوطنية".
وجاء ذلك عقب زيارة وزير الدكتور الدكتور مختار جمعة لمحافظة الإسماعيلية لافتتاح مسجد «الإسماعيلي» بميدان المطافي عقب إجراء عملية تجديد وتوسيع المسجد، برفقة اللواء شريف بشارة محافظ الإسماعيلية والقيادات التنفيذية بالمحافظة .