تعرف لماذا أنتحر طالب "طب الإسكندرية" بالمبنى المهجور بالمدينة الجامعية؟
"الحقوا في واحد مشنوق في مبنى «د»"، وكانت تلك الصرخة التي أطلقها "أحمد علاء"، الطالب بـ"طب الإسكندرية"، التي أنهت حالة الهدوء التى اعتادتها المدينة الجامعية "بنين" في هذا الوقت من اليوم، فالساعة تجاوزت الثانية والنصف ظهرًا بدقائق قليلة، ومعظم الطلبة مازالوا في محاضراتهم.
أصوات سرينة الإسعاف وسيارات الشرطة، التي وصلت سريعًا إلى المدينة الجامعية الواقعة بعزبة سعد بمنطقة سموحة بعد بلاغ بالواقعة تلقته من الأمن الإداري، زادت من حالة القلق والتوتر التي عمت المكان، وسط تساؤلات لا تتوقف من الجميع عن هوية الجثة؟ وهل انتحر أم قتل؟
وحول كاميرات المراقبة، تجمّع ضبّاط المباحث والطلّاب للتعرف على من دخل إلى المبنى المهجور خلال الـ 24 ساعة الماضية في محاولة لكشف هوية الجثة، قبل أن يصرخ أحد الطلاب: "اللى داخل المبنى وقال ده "فادي محمد السخاوى" طالب بالفرقة الثانية بكلية الطب ومقيم معايا في مبنى «أ».
20 ساعة كاملة جثة فادي ظلت معلقة، بدءًا من الساعة السادسة من مساء الثلاثاء، حتي اليوم التالي، لتظل جثة "فادي" معلقة من الرقبة في حامل حديد بحبل على الحائط، قبل أن يسوق القدر "أحمد" إلى الطابق الخامس بمبنى «د» المغلق والمهجور منذ أواخر العام الجامعي الماضي، ضمن خطة لتطوير المدن الجامعية بالإسكندرية.
حيث قال «أحمد» "أنا كنت رايح أجيب بعض متعلقاتي الشخصية اللي تركتها هناك من العام الماضي، وفجأة لمحت ظل جثة معلقة على الحائط فجريت بسرعة، وبلّغت الأمن الإداري للمدينة، وأضاف أحمد علاء، أمام وكيل نيابة سيدي جابر.
هل انتحر "فادي" أم هناك شبهة جنائية؟، سؤال شغل طلاب جامعة الإسكندرية على موقع التواصل الإجتماعي منذ إكتشاف الجثة، حيث كتب "عمر جمال مخلوف":
"الله يرحمه ويغفر له ويسامحنا على التقصير فى حق زميل لينا كان بيقف معانا على نفس البنش"، بينما كتب كثيرون يطالبون بعدم وصف الواقعة بالانتحار لحين التأكد من التحقيقات.
كاميرات المراقبة
"جميع الدلائل والشهادات تشير إلى أن الواقعة انتحار، ولا وجود لشبهة جنائية"، قالها الدكتور ممدوح التهامي، المتحدث الرسمي لجامعة الإسكندرية، موضحاً أن الطلاب كان متوفقاً في الدراسة، إلا أنه كان انطوائياً، ويعانى من مشكلات أسرية بشهادة زملائه في الكلية والمدينة الجامعية.
وأشار "التهامي" في تصريح لـ"مصراوى"، إلى أن أسرة الطالب تسلمت جثمانه قبل عصر اليوم من مشرحة كوم الدكة بعد انتهاء إجراءات التشريح، لافتاً إلى أن تحقيقات النيابة العامة هي التي ستحدد أسباب الوفاة.
وأضاف المتحدث الرسمي لجامعة الإسكندرية: "التفريغ المبدئي للكاميرات سجل لحظة سير المتوفى باتجاه مبنى "د" مساء الثلاثاء بمفرده دون أن يكون بصحبته أي شخص، ثم دخل المبنى واختفى قبل أن يتم إكتشاف جثته".
حكاية الصورة الوحيدة
وتذكر عمر عبدالقادر، الطالب بالفرقة الثانية بكلية الطب في جامعة الإسكندرية، قصة الصورة الوحيدة لفادي التي جرى تداولها على "فيسبوك" بعد وفاته، قائلاً:
"لولا الصورة دي اللي الدكتورة أصرت على إننا نتصورها كلنا مكنش لقينا صورة لفادى ربنا يرحمه، مش هنسى أبداً ما قال لي أيه في الصورة دي لما طلبت منه يقرب ويحط أيده على كتفي، رد وقال : أنا مرتاح كده"!
وأصدر إتحاد طلاب كلية طب جامعة الإسكندرية بياناً نعى فيه فادي، وجاء فيه :
"بكل الحزن والأسى، ننعى المغفور له بإذن الله، الطالب فادي محمد السخاوي، الزميل بالفرقة الثانية، داعين الله أن يغفر له ويسكنه فسيح جناته، ويثلج صدورنا جميعاً؛ ذويه وأقاربه وزملاءه".
أمن الإسكندرية: انتحار
وقد أنهت مديرية أمن الإسكندرية حالة الجدل حول تفاصيل الوفاة بعد وصفها الواقعة بأنها انتحار، وذكرت في إخطار رسمي - تلقى مصراوى نسخة منه، أن الطالب فادى محمد السخاوى، "20 سنة"، مقيم بمنطقة علم الروم بمحافظة مطروح، شنق نفسه بحبل مربوط طرفه بقطعة حديدية معلقة على أحد حوائط حجرة بالطابق الخامس بمبنى خالٍ من الطلبة.
ويبقى السؤال ما الذى دفع "فادي" الأبن الأصغر لأسرة متدينة، لأب يعمل مهندسًا زراعيًا، وأم موظفة، وأخت طبيبة بيطرية، وأخ أكبر يسبقه بعام واحد في كلية الطب جامعة الإسكندرية.
مفتاح اللغز
وفي سراي نيابة سيدى جابر، كانت المفاجأة بعدما قال والد المتوفى في التحقيقات التى أشرف عليها المستشار محمد لاشين، المحامي العام لنيابات سيدى جابر، إن فادي تعدى على شقيقه بالفرقة الثالثة بكلية طب بقطعة حديدية أثناء نومه، وذلك أثناء قضائه إجازة نصف العام.
"أنا عايز أموتكم وأعيش لوحدي"، هذا كان رد "فادي" على والده عندما سأله لماذا ضربت أخاك الأكبر، ما دفع الأب إلى تحرير محضر ضده في قسم الشرطة في مرسى مطروح، قبل أن تخلي الشرطة سبيله، ثم أعطاه مبلغًا ماليًا وشنطة ملابسه ليغادر المنزل ويعود إلى المدينة الجامعية، لينتحر فى اليوم نفسه.
وأضاف الأب: "فادي ترك الموبايل الخاص به قبل تركه المنزل في مطروح والعودة إلى الإسكندرية، إلا أنه مسح جميع البيانات الموجودة عليه"، فيما أكد أربعة طلاب من زملائه أمام محمد خير الله، وكيل نيابة سيدى جابر، أنه كان انطوائيًا ويفضل الجلوس وحيداً.
صرّح المستشار محمد لاشين، المحامي العام لنيابات سيدي جابر، بدفن الجثة بعد انتهاء إجراءات التشريح لبيان سبب وفاته ووجود شبهة جنائية وراء الحادث من عدمه، وسماع أقوال أسرته وسرعة إجراء تحريات المباحث حول الواقعة.
نقلاً عن: مصراوي