نظرة حول الأسباب المحتملة لإعتقال الوليد بن طلال.
في خطوة مفاجئة داخلياً وعالمياً إعتقلت السلطات السعودية، في إطار حملتها ضد الفساد، الأمير الوليد بن طلال وآخرون، ويمكن إرجاع أسباب هذا الإجراء الذي أتخذ مع الوليد بن طلال بحسب مراقبين، يضاف إلي قضية غسيل الأموال، بعض الأمور السياسية.
ويأتي هذا التطور في الوقت الذي أقام فيه ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، علاقات سياسية وشخصية وثيقة مع الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي يشاطر الأمير الشاب نهجه الهجومي ضد العدو الإقليمي للمملكة وهو «إيران»، وكذلك ميوله لإتخاذ قرارات حاسمة لتحقيق الأهداف.
في الوقت الذي أعرب فيه الوليد بن طلال علنياً عن موقفه المعادي للرئيس الأمريكي الجديد ترامب، وخاض مشادة كلامية حادة معه عبر موقع التواصل الإجتماعي "تويتر"، وذلك خلال حملة ترامب الإنتخابية.
وقال الوليد بن طلال، من علي حسابه في تويتر يوم 11 ديسمبر عام 2015، مخاطباً ترامب: "أنت عار ليس على جبين الحزب الجمهوري فحسب، وإنما على أمريكا كلها، أنسحب من سباق الرئاسة الأمريكية لأنك لن تفوز أبدا".
.@realDonaldTrump
— الوليد بن طلال (@Alwaleed_Talal) December 11, 2015
You are a disgrace not only to the GOP but to all America.
Withdraw from the U.S presidential race as you will never win.
ورد ترامب بسرعة على هذا الهجوم بتغريدة جاء فيها: "الأمير الوليد البليد يريد أن يتحكم بسياستنا في الولايات المتحدة بأموال والده .. لن يستطيع فعل ذلك إذا انتخبت (رئيساً)".
Dopey Prince @Alwaleed_Talal wants to control our U.S. politicians with daddy’s money. Can’t do it when I get elected. #Trump2016
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) December 12, 2015
وقد يكون السبب المحتمل الآخر لإعتقال الأمير الملياردير يكمن، حسب ما يعتبره بعض المتابعين، في معارضته المرجحة لتعيين الأمير محمد بن سلمان ولياً للعهد السعودي، وهو القرار الذي أعلنه عاهل المملكة الملك سلمان بن عبد العزيز، يوم 21 يونيو العام 2017، وذلك بعد إعفاء أبن أخيه الأمير محمد بن نايف، من ولاية العهد، في خطوة أيدها 31 من أصل 34 عضواً في هيئة البيعة السعودية.
وتحدثت العديد من المصادر السعودية لوسائل إعلام غربية عن أن الوليد بن طلال لم يدعم إجراء هذا التعديل الثوري في نظام الولاية السعودي، فيما قالت بعض التسريبات غير المؤكدة أن رجل الأعمال السعودي وقع، مع عدد كبير من الشخصيات السعودية البارزة، في ديسمبر من العام 2016 على عريضة تم إرسالها لعاهل المملكة، رفض موقعوها تعيين الأمير الشاب لمنصب ولي العهد.
وعلى الرغم من أن الوليد بن طلال أعلن فوراً مبايعته لمحمد بن سلمان عبر "تويتر"، إلا أن هذا الأمر لا يعني أن الأخير لا يعتبر الأمير الملياردير الوليد بن طلال تهديداً لمواقع النخبة الحاكمة في السعودية، علماً بأن الوليد يعتبر أغنى رجال الأعمال في السعودية، بصرف النظر عن أنه لم يكن أبداً سياسياً متنفذاً في بلاده.
في #ليلة_27????من #رمضان #ليلة_القدر
— الوليد بن طلال (@Alwaleed_Talal) June 21, 2017
نحمد الله على نعمة الإسلام والأمن والأمان.
أبارك لأخي #ولي_العهد
و #ابايع_محمد_بن_سلمان_ولياً_للعهد
وفي حديث لصحيفة "New York Times"، قال السفير الأمريكي السابق لدى السعودية، تشاس فريمان، إن الوليد بن طلال، "جرى ربطه في المملكة بشكل قوي بالمجتمع المدني، الذي بطبيعته الأصلية يمثل قوة معارضة لتركيز السلطة" في أيدي شخص واحد، وهو بالتأكيد الآن محمد بن سلمان.
وأضاف فريمان: "لديه سمعة كبيرة كونه شخصاً صريحاً لدرجة كبيرة وحاداً ومنتقداً لقوى أخرى في العائلة الملكية، وهو لا يتمتع بحب الجميع".
إلا أن متابعين آخرين لا يشاطرون هذا الإعتقاد، مؤكدين أن أسباب إعتقال الوليد بن طلال لأنشطته الإقتصادية.
ويشير خبراء إلى أن الوليد بن طلال كان على شفى فقدان ثروته على خلفية الأزمة المالية العالمية عام 2008 وكاد يصبح مفلساً، إلا أنه تمكن من الحصول على دعم من قبل الحكومة ومساعدة كبيرة من بعض مسؤوليها بسبب علاقاته الوثيقة مع العاهل السعودي السابق، الملك عبد الله بن عبد العزيز، وكذلك وزير المالية آنذاك، إبراهيم بن عبد العزيز العساف.
ومن الجدير بالذكر أن نجل الوليد بن طلال، الأمير خالد، متزوج من ابنة الوزير، الذي تم إعتقاله أيضاً خلال حملة التطهير غير المسبوقة الجارية في السعودية.
وفي هذا السياق أعتبر مؤسس منظمة "Arabia Foundation" المستقلة، "علي شهابي"، التي تتخذ من واشنطن مقراً لها، في حديث لصحيفة "New York Times"، يبدو أن السلطات السعودية كشفت عن آثار للنشاط غير الشرعي للوليد بن طلال، وأرادت أن تجعل منه مثالاً في حملتها ضد الفساد.
وأيا كان السبب الأقرب من الحقيقة لإعتقال الأمير السعودي المشهور، يجمع كل المتابعين تقريباً على أن إتخاذ هذه الخطوة، وكذلك توقيف عشرات الآخرين من الأمراء ورجال الأعمال والمسؤولين السعوديين، فإن الغرض منها تعزيز سلطة الأمير محمد بن سلمان، وإعداد أرضية أكثر ملائمة لتوليه زمام السلطة في البلاد "خلفاً لأبيه"، وهو الأمر الذي يدل عليه، بجانب مؤشرات كثيرة أخرى، أن الأمير الشاب هو من يترأس اللجنة العليا لمكافحة الفساد، التي بدأت حال تأسيسها بأمر ملكي بحملة الإعتقالات في المملكة.
المصدر: New York Times + RT