الشهيد إبراهيم الرفاعي في سطور .. «تقرير».
إبراهيم السيد محمد إبراهيم الرفاعي (1931 - 1973) قائد عسكري في الجيش المصري، كان قائد المجموعة 39 قتال صاعقة، خاصة إبان حرب أكتوبر المجيدة، واستشهد فيها يوم "الجمعة 19 أكتوبر 1973- 23 رمضان 1393".
وذلك بعد أن ضرب المثل في الفدائية والشجاعة في القتال.
من مواليد قرية الخلالة، مركز بلقاس بمحافظة الدقهلية في 27 يونيو عام 1931، تخرج "الرفاعي" من الكلية الحربية عام 1954، وإنضم عقب التخرج إلي سلاح المشاة، وكان ضمن أول فرقة قوات الصاعقة المصرية، ولفت نظر قادته في مراحل التدريب المختلفة.
مع بدء معركة التحرير في السادس من أكتوبر العاشر من رمضان، أنطلق "إبراهيم الرفاعي"، قائد الفرقة 39 قتال، لتدمير آبار البترول في منطقة بلاعيم شرق القناة لحرمان العدو منها.
ومنذ العاشر من رمضان وحتى الثالث والعشرين منه استمرت عمليات الفرقة 39 الإنتحارية ضد العدو الصهيوني حتى أصابته قذيفة من مدفعية العدو، وعند سماعهم خبر إصابة "الرفاعي" أطلقوا الهاونات الكاشفة احتفالاً بإصابته.
ولكن من هو «إبراهيم الرفاعي» الذي سبب الرعب لإسرائيل طيلة سنوات الاستنزاف وحرب أكتوبر :
عين مدرساً في مدرسة الصاعقة، وعند وقوع العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956، شارك في الدفاع عن مدينة بورسعيد الباسلة، بعدها التحق بفرقة المظلات وبعدها إنتقل لقيادة وحدات الصاعقة.
شارك في حرب اليمن كقائد كتيبة صاعقة، وصدر قرار بترقيته عام 1965 ترقية إستثنائية تقديراً لأعمال البطولية التي قام بها في الميدان اليمني.
وقعت النكسة في الخامس من يونيه عام 1967، وبعد ما يزيد عن عام بدأت القوات المسلحة من التعافي من آثار الهزيمة، وفي أغسطس 1968 بدأت القيادة في تشكيل مجموعات من فرق الصاعقة أشبه بالفدائيين للقيام ببعض العمليات الخاصة في سيناء، وأمر مدير المخابرات الحربية اللواء محمد أحمد صادق وقتها، بتوكيل مهمة قيادة أحد هذه المجموعة إلي "إبراهيم الرفاعي" ليقوم بتشكيل الفرقة "39" قتال.
كانت أولي عمليات الفرقة نسف قطار للعدو بالشيخ زويد، ونسف مخازن الذخيرة التي تركتها قواتنا عقب انسحابها من سيناء في1967، وكان نجاح هذه العملية ضرباً من ضروب الخيال بل كان نوعاً من المستحيل، ولكن الرفاعي ورجاله تمكنوا من الوصول إليها وتفجيرها، حتى إن النيران ظلت مشتعلة في تلك المخازن ثلاثة أيام كاملة.
ومع الوقت كبرت الفرقة، وأثبتت جدارتها في العلميات النوعية التي تقوم بها، وأختار "الرفاعي" شعار رأس النمر للفرقة تمينا بشعار الشهيد أحمد عبد العزيز في معارك 1948.
نشرت إسرائيل مجموعة صواريخ أرض أرض لإجهاض أي عملية بناء للقوات المصرية، وكشفتها وحدات الاستطلاع المصرية، وطلب الفريق عبد المنعم رياض من الرفاعي، صواريخ منها لمعرفة المدي الخاص بها ومدي تأثيرها على الأفراد والمعدات.
فقام "الرفاعي" ومجموعة 39 قتال بعملية انتحارية وحصلوا على «3 صواريخ» دفعة واحدة بل وأسير "الملازم داني شمعون"، وأحدثت تلك العملية دوياً هائلاً في الجيش الإسرائيلي، مما اضطرهم إلي عزل القائد المسئول عن الصواريخ وأطلقوا علي الرفاعي ورفاقه «فرقة الاشباح».
استشهاد الفريق عبد المنعم رياض جعل جمال عبد الناصر، يطلب برد فعل سريع تجاه العدو، حتى لا تتأثر معنويات الجيش بعد استشهاد قائده، فعبر الرفاعي القناة وأحتل موقع «المعدية 6»، التي أطلق منها القذائف التي تسببت في استشهاد الفريق عبد المنعم رياض، وأباد كل من كانوا في الموقع، وكان يبلغ عددهم 44 ضابطاً وجندياً إسرائيلياً، وتم رفع العلم علي حطام المعدية ليكون أول من رفع العلم علي أرضنا المحتلة بعد النكسة وظل مرفوعاً قرابة الثلاثة أشهر.
وبسبب الخسائر الفادحة للعدو في تلك العملية تقدمت إسرائيل باحتجاج إلى مجلس الأمن تقول فيه أن جنودها قتلوا بشكل وحشي.
يوم العاشر من رمضان 1973 أنطلق "الرفاعي" ومجموعته في ثلاث طائرات هليكوبتر لتدمير آبار البترول في منطقة بلاعيم شرق القناة من أجل عدم الإستفادة بها، ونجح في تدميرها تماماً.
استمرت عملياته ضد العدو، بمنطقتي شرم الشيخ ورأس محمد، ونجح هو ومجموعته في الإغارة على مطار "الطور"، وتدمير بعض الطائرات الرابضة به، مما أصاب القيادة الإسرائيلية بالارتباك.
وفي 18 أكتوبر طلب الرئيس أنور السادات من إبراهيم الرفاعى أن يعبر القناة حتى يصل لمنطقة «الدفرسوار» التي وقعت فيها الثغرة، ليدمر المعبر الذي أقامه العدو ليعبر منه إلى الغرب، وإلا فإن قوات العدو يمكن أن تتدفق عبر قناة السويس.
لم يخذل الرفاعي الرئيس السادات، واستطاع هو ومجموعته بالفعل تفجير المعبر ووقف الزحف الإسرائيلي إلى منطقة الدفرسوار، واستطاع الرفاعي أن ينهي المذابح التي ارتكبها الإسرائيليون في هذه المنطقة لدرجة أن "أرييل شارون"، الذي كان قائد المجموعة الإسرائيلية، ادعى الإصابة ليهرب من جحيم الرفاعي بطائرة هليكوبتر، ما دفع الجنرال "جونين" قائد الجبهة في ذلك الوقت إلى المطالبة بمحاكمته لفراره من المعركة.
كان رجال المجموعة يخوضون قتالاً مع مدرعات العدو الصهيوني، وسقطت قنبلة من إحدى مدفعيات الإسرائيليين بالقرب من موقع البطل لتصيبه ويسقط جريحاً، وبرغم ذلك رفض أن ينقذه رجاله، وطلب منهم أن يستمروا في المعركة، كان خبر إصابة البطل الجسور إبراهيم الرفاعي مفاجئاً للقيادة المصرية، وعندما علم السادات طلب سرعة نقل البطل إلى القاهرة، لكنه أستشهد في يوم الجمعة 23 رمضان.
ويروي أبو الحسن أحد قيادات الفرقة 39 قتال، لحظات استشهاد الرفاعي، قائلًا: «كان الرفاعي عادة ما يرتدي حذاء ذا لون مختلف عن بقية المجموعة، وعندما رأى زملاؤنا حذاءه أبلغوا باللاسلكي أنه أصيب وسمعهم اليهود وعرفوا الخبر وكانت فرحتهم لا توصف، حتى إنهم أطلقوا الهاونات الكاشفة احتفالاً بالمناسبة وذهبنا به لمستشفى الجلاء وحضر الطبيب وكانت الدماء تملأ صدره وقال لنا «أدخلوا أبوكم»، فأدخلناه غرفة العمليات ورفضنا أن نخرج فنهرنا الطبيب فطلبنا منه أن ننظر إليه قبل أن نخرج فقال :
أمامكم دقيقة واحدة فدخلنا إليه وقبلته في جبهته وأخذت مسدسه ومفاتيحه ومحفظته ولم نستطع أن نتماسك لأننا علمنا أن «الرفاعي استشهد»، وكان ذلك في يوم الجمعة الموافق 23 رمضان، وكان صائماً فقد كان رحمه الله يأمرنا بالإفطار ويرفض هو أن يفطر.
وقد تسلمنا جثته بعد ثلاثة أيام وفي حياتنا لم نر ميتاً يظل جسمه دافئاً بعد وفاته بثلاثة أيام وتنبعث منه رائحة المسك.