رؤية نقدية كريمان حرك: علي الحجار يتألق في ألحان شادى مؤنس مع فرقة حكايات بالأوبرا
• فرقة «حكايات» توزيع موسيقى جيد ومهارة من العازفين .
• إحتفال متميزبمرور عشر سنوات على التأسيس .
• الفقرة النثرية التي كانت بدون موسيقى، يمكن القول إنها أضعفت برنامج الحفل، لأن المتفرج جاء يستمع لسهرة البطل فيها الموسيقى وليس الإستماع إلي أمسية شعرية .
حفل فرقة «حكايات» التى تم تقديمه عى المسرح الصغير بدار الأوبرا وسط ازدحام جماهيرى كبير، وبحضور الفنان على الحجار، يُعد من أهم حفلات الفرق المُستقلة في مجال الموسيقى، لأنها تميزت بالإبداع المُتكامل واللمحة المصرية المعاصرة، من خلال كلمات وألحان وغناء وموسيقى آلية جماعية وفردية .
و«حكايات» فرقة أسسها منذ سنوات الفنان الموهوب شادى مؤنس، والذى عشنا مع ألحانه على مدى ساعتين أكدت أنه من نجوم المستقبل الواعدين الذين سوف تكون لهم بصمة في مجال الموسيقى .
بداية الفرقة كانت في ساقية الصاوى، حيث أستطاع شادى مؤنس من خلال حفلاته هناك أن يكون له جمهور كبير من الشباب يعزف أغانيه ويرددها معه، وكان هذا جلياً في هذا الحفل المتميز الذى يقيمه لأول مرة بدار الأوبرا .
والجدير بالذكر شادى مؤنس مهندس بترول عشق الموسيقى منذ الصغر وكان يعزف على آلة البيانو ثم اتجه لدراسة العود على يد الفنان نصير شمة في بيت العود بالقاهرة، وكان من مؤسسى فرقة اسكندريلا مع حازم شاهين عام 2005، ثم تركها ليُكون فرقته الخاصة "حكايات" عام 2009، وهذا الحفل جاء تتويجاً لمرور عشر سنوات على الفرقة وبمناسبة صدور ألبومه بعنوان "تفرانيل " .
الفرقة كما ظهرت على المسرح الصغير تكونت من 8 عازفين بالإضافة لشادى نفسه الذى يتوسط المجموعة الموسيقية محتضناً العود وعلى جانبيه "آلة البيانو والأكورديون والكيبورد والكمان والناى والكونترباص والبركشن"، وهناك مطربتان ومطرب وكما نرى الفرقة توليفة فريدة تجمع بين آلات شرقية وغربية وباند حديث ورغم إن هذا انتشر في بعض الفرق، لكن هنا نجح شادى والذين قاموا بالتوزيع بعمل معالجة موسيقية تم فيها الإستفادة من الآلات بشكل مصرى مبتكر، يجمع بين الحداثة والطرب من خلال العزف الجماعى، والعزف المنفرد المدروس والذى أظهر مهارة العازفين، وكأنك أمام فرقة كثيرة العدد، وساعد على ذلك آلتى "الأكورديون والبيانو الكلاسيكى" اللتان نادراً تواجدهما في الفرق الحديثة، وهنا كانا عوضاً عن تعدد الآلات، وهذا يمثل إحدى إيجابيات الحفل .
تضمن برنامج الحفل 11 فقرة بالإضافة لأغنيتين للمطرب الكبير على الحجار الذى حرص على الجلوس في الصالة بين المتفرجين طوال الحفل، وبمشاركته أكد على مفهومه الواعى ومساندته للأجيال الواعدة .
بدأ البرنامج بأغنية "بدون انذار" كلمات مايكل عادل، وكانت خير تمهيد وتعريف بما سوف يسمعه المتفرج، حيث نجح الموزع «رفيق عدلى» أن يجمع فيها بين كل العناصر التى سوف يستمع إليها المتفرج من مقدمة موسيقية وغناء الكورس بالصوت النسائى والغناء المنفرد، وبرز فيها أيضاً سيطرة لبعض الآلات، هذا هو النهج الذى صار عليه البرنامج الذى كان ختامه أغنية "كلمتين لمصر" من كلمات الشاعر الكبير «أحمد فؤاد نجم» ويؤديها شادى مؤنس بلحن جميل معبر عن الكلمات مع جملة موسيقية سلسة وتبادل في الحوار بين المجموعة والصوت المنفرد من خلال توزيع متميز ايضاً للموزع رفيق عدلى .
وبين البداية التمهيدية المناسبة والختام القوى الوطنى توالت باقى الفقرات في رحلة من الأنغام والكلمات من أهمها أغنية "باب الهوى" التى شدت بها المطربة «نادين عامر» بصوت قادر على التلوين والتى أرى إنها من أهم الفقرات، وبدأت الأغنية بعزف على الكمان من العازف «أيمن عصفور» الذى كان من نجوم العزف في هذه الليلة وشارك بعزفه المنفرد في بعض الأغانى أو في الفواصل الموسيقية، والأغنية رومانسية من كلمات «منتصر حجازى» قامت على تيمة شعبية كلاسيكية سواء في كلماتها أو موسيقاها، كما أن للإيقاع دور بارز فيها وفيها أكد مؤنس إنه يمتلك ميلوديات طربية وليس فقط يعتمد على اللحن البسيط والجمله القصيرة المصاحبة للكلمات والتى تنتشر في معظم الفرق .
كما تضمن البرنامج أيضاً أعمال متميزة منها أغنية "يخلق من الشبه" غناء مؤنس بالتبادل مع المطربة «دينا سالم» وأغانى "ضى القمر" كلمات «دعاء عبد الوهاب» وأغنية "كل ماتيجى تروح" لـ «بهاء جاهين»، و "قالولى زمان" و "تفرانيل" كلمات «مصطفى إبراهيم» و "ياساكنة جوانا" كلمات «سعيد أبو طالب» .
ولكن مازال مؤنس يقع في عشق الكلمة فنجده يجعل هناك فقرة نثرية بدون موسيقى تلقيها المطربة «دينا لاندرى» هل هذا شعر أم نثر؟ وهذا أضعف البرنامج، لأن المتفرج جاء يستمع لسهرة البطل فيها الموسيقى وليس أمسية شعرية، وشادى مؤنس كما استمعت إليه لا يحتاج لهذا لأن لديه مواهب لحنية وإبداع نغمى يُغنيه تماماً عن هذا الإتجاه .
ومن الملاحظات أيضاً أن المطرب «عمر السقا» الذى كان يقف بجانب المطربتين لم يُسند له أى دور على الإطلاق، حيث أن أصوات البنات كانت عاليه كأنه كورس نسائى، كما لم يُسند إليه أغنية منفردة لنتعرف على صوته !! .
كما تضمن البرنامج فقرة موسيقية بعنوان "مصر الليل"، وأرى إنها درة هذا البرنامج، حيث كان هناك حوار جميل وتبادلى بين "العود والبيانو والإيقاع" مع خلفية "للكمان والكونترباص والناى" بأسلوب التوزيع الأوركسترالى الذى أتضح فيه الثراء النغمى من خلال ألحان جميلة متشابكة ومتعددة الجمل .
وبالنسبة للفنان «على الحجار» بدون شك اشتراكه في الحفل أعطى قيمة فنية للحفل وثراء للبرنامج وكان عنصر جذب جماهيرى، وخاصه إنه أدى أغنيتين من ألحان «شادى» الأولى بعنوان "ليه الطريق" كلمات «مايكل عادل» تبدأ بالعزف على الناى الذى عبر عن الحزن الذى يُغلف كلماتها، ثم نجد مُصاحبة من العود وباقى الفرقة الموسيقية، أما الأغنية الثانية بعنوان "يارب" كلمات مصطفى إبراهيم وجاءت بمصاحبة على البيانو المنفرد والذى عزف عليه بإقتدار العازف البلجيكى «جوناسون كمبيان» وكانت لحن جميل ساعد حرفية الحجار وخبرته على إظهار جمالياته، وكما إنه أضاف حليات في الأداء ساعده عليها اللحن الجميل الذى اتسم بالخشوع .
ولكن سواء اللحن أو الكلمات أو الغناء بمصاحبة البيانو كلها جاءت غير تقليدية وتمثل تجديد معاصر في الغناء الدينى، ولا ننكر أن «الحجار» أداهما بإحساس عالى كعادته جعلت الجماهير تنفعل معه بشكل كبير .
ومن إيجابيات البرنامج ليس فقط تنوع الفقرات في الأداء ولكن أن الآلات الموسيقية لم تكن مجرد مصاحبة تقليدية، وإنما كانت عامل ربط هام بين الفقرات، وأستمتعنا بالعزف المنفرد لكل العازفين «بيشوى شنودة» "أكورديون"، و«احمد ممتاز» "ناى"، و«محمد رؤوف» "كيبورد"، و«أحمد عويس» "كونترباص"، وكلا من «أيمن صدقى وأيمن مبروك» "إيقاع" .
أخبار مُتعلقة
وأخيراً السهرة جاءت ممتعة ولكن أرى أن الملحن شادى مؤنس يحتاج مساندة كبرى من وزارة الثقافة ودار الأوبرا، وإن ألحانه يجب وأن تتخطى إمكانيات الفرق المستقلة المحدودة، وأن يتم تقديمها من خلال فرق كبيرة متكاملة، أيضاً هذه الفرقة يجب أن تكون ضمن الفرق التى تمثل مصر بالخارج، وخاصة عندما لا تعتمد على الكلمات بل على الموسيقى التى هى لغة الشعوب .